مشروعية «آمين» في غير الصلاة

02:56 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

يقول الدكتور محمد التونجي في كتابه «المعرّب والدخيل في اللغة العربية وآدابها» في مبحث الألفاظ المعربة في القرآن الكريم:
آمين اسم فعل أمر بمعنى استجب، وقيل: معناها يا الله، وقيل: هي من أسماء الله تعالى، وهي ليست عربية لعدم وجود وزن فاعيل في العربية، واللفظ فرعوني قديم أصله آمين، ولم ترد في القرآن الكريم لكن المسلمين يؤمنون بها بعد الفاتحة.
وفي «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي (ج 2 ص 12) نقلاً عن ابن العربي المالكي أن هذه الكلمة لم تكن لمن قبلنا بل خصنا الله تعالى بها.
وفي «فيض القدير» للمناوي على «الجامع الصغير» للسيوطي (ج 5 ص 440) يرد بأن آمين دعاء، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على آمين وتسليم بعضكم على بعض) (رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن ماجه في سننه، ويقول المناوي عنه بأنه حديث صحيح).
وإذا افترضنا بأن كلمة آمين للدعاء فهي اسم فعل أمر بمعنى استجب يا الله، ويكون اسم فعل أمر جامد بمعنى أنه لا يشتق منه ماض ولا مضارع، وإذا قلنا بأنه من أمّن يؤمن تأميناً فالصحيح أن يعبر عنه بالتأمين بدلاً من آمين، لكن لم يفعل الفقهاء ذلك حتى يفرقوا بين التأمين في الصلاة وبين التأمين في غير الصلاة فقالوا: آمين.
ويخطئ الناس عندما يلفظونها في الصلاة بالتشديد آمّين، والصحيح آمين بتخفيف الميم، أما آمّين (بتشديد الميم) فإنها بمعنى قاصدين لأنها عندئذ من الفعل: أمّ يؤمّ بمعنى قصد يقصد.
وحكم آمين في الصلاة أنها سنة مع اتفاق أهل العلم والفقه على أن آمين ليست من القرآن الكريم، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب على قولها وأمر بها أصحابه في الصلاة وخارج الصلاة كما يقول ابن عابدين في حاشيته (ج 1 ص 331).
أما التأمين في الصلاة فلها موقع معروف هو عقب الانتهاء من قراءة الفاتحة، وهي للمنفرد سنة في الصلاة السرية والجهرية، كما تسن للإمام والمأموم في السرية، وسنة هي للمقتدي في الصلاة الجهرية.
وقد فصل العلماء في موقف الإمام من قول آمين في الصلاة، فالشافعية والحنابلة والأحناف أنه مندوب، وعند المالكية غير مندوب، ويروى عن أحمد بن حنبل في إحدى الروايات وجوب التأمين كما ورد في كتاب الإنصاف (ج 2 ص 120).

ومن قال بأنه مندوب أو غير مندوب أو إنه واجب استنتج ذلك المفهوم من الأحاديث الواردة مثل: (إذا أمّن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) (رواه مالك وأحمد والشيخان).

وقال الفقهاء بأن قول آمين مرتبط بسماع المأموم من إمامه «ولا الضالين»، ولكن إذا سمع مقتدياً آخر قال: آمين فهل يؤمن معه أم لا؟ للفقهاء رأيان: عند الحنفية وبعض المالكية والشافعية أنه يؤمن، والقول المعتمد عند الشافعية وبعض المالكية أنه لا يومن.

وعند الإباضية آمين ليست من القرآن الكريم ولا من الفاتحة بالإجماع، وقول: آمين في الصلاة غير مشروع عندهم لعدة أمور منها:
أن آمين من كلام الناس، وكلام الناس ممنوع في الصلاة، والأمر الآخر أن الروايات التي دلت على مشروعية التأمين منها الضعيف ومنها الباطل، وعلى افتراض صحة بعضها فهي محمولة على ما قبل نسخ الكلام في الصلاة (انظر المعتمد في فقه الصلاة للشيخين أحمد الخليلي وسعيد القنوبي ص 218 - 219).
نعم.. التأمين عند الإباضية غير مشروع وقولها يبطل الصلاة، وهي عند المذاهب الأربعة إذا قلنا بمشروعيتها فإن عدم قولها لا يؤثر في صحة الصلاة.
وأما التأمين خارج الصلاة ففي القنوت منهم من قال بمشروعيته ومنهم من قال بعدم مشروعيته.
ويسن التأمين على دعاء الخطيب في صلاة الاستسقاء ويوم الجمعة عند الجمهور سراً أو جهراً، أما الأحناف فالتأمين عندهم في النفس من غير التلفظ به.
أما قول المصلين آمين عقب صلاتهم على دعاء الإمام فالظاهر أنه غير مشروع بل مكروه عند المالكية (انظر الرهوني ج 1 ص 411 والفروق للقرافي ج4 ص 300).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"