«قرن استشعار» الرقابة

03:52 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

يتجدد الحديث هذه الأيام، في أسواقنا المحلية، عن دور الرقابة على شركات المساهمة العامة، وهل تقوم بواجبها بسلطة القانون الذي منحها الحق لضمان أقصى فائدة للاقتصاد الوطني ولشركاته، وللمستثمرين فيه؟
هذا النقاش المستمر، منذ فترة، سببه تعثر بعض الشركات، سواء بسبب أوضاع السوق وطبيعته، أو بسبب تخبط وسوء الإدارات التي تقود هذه المؤسسات، بما في ذلك تقديم المصلحة الشخصية على المصالح العامة.
من المؤكد أن هذا التعثر يؤثر سلباً في الثقة بأسواقنا التي يجب أن تحظى بأولوية تتقدم الأولويات كافة؛ لأن الثقة هي رأسمالنا الحقيقي، ناهيك عن تبعات التعثرات السلبية المالية على المستثمرين الذين وثقوا بإدارات هذه الشركات، وبأنهم مطمئنون إلى أن هناك من يراقب عملها، سواء من الجمعيات العمومية، أو الحكومة، وفقاً لقانون الشركات الاتحادي وقانون هيئة الأوراق المالية والسلع.
علينا الفصل هنا في مهام الرقابة، بين الخسائر المتتالية لأي شركة، بسبب ظروف السوق أو ضعف الإدارة، وبين خسائرها بسبب تجاوزات أو صفقات مبالغ فيها، أو وهمية، أبرمتها لتحقيق مصالح خاصة بإداراتها أو فرقها التنفيذية.
في الحالة الأولى، الأمر يخضع لقوى السوق، وبالتالي ليس من صلاحية سلطات الرقابة التدخل إلا عندما تفقد الشركات نسبة كبيرة من رأسمالها، فتتم دعوتها لخفض رأسمالها وزيادته، إذا ما رغبت في الاستمرار في عملها، وإلا تتم تصفيتها وتوزيع ما تبقى من أصول لديها على المساهمين، وإلغاء ترخيصها.
أما الحالة الثانية، فإن السلطات الرقابية معنية بالتدقيق والبحث في المخالفات التي ترتكبها الشركات، وبوقف ومنح الموافقات لها لإبرام الصفقات الجوهرية أو رفضها بعد التدقيق عليها؛ لأن من شأن هذه الصفقات إذا كانت «مضخمة» أن تؤثر سلباً في رأس المال أو التزامات الشركة.
سلطاتنا الرقابية معنية بتفعيل «قرن الاستشعار» لدى أجهزتها الفنية، بحيث يمكن تفادي الأضرار المستقبلية قبل حدوثها، فعليها التأكد من الشركات التي «لا تُبلي حسناً» في نتائجها، وهل هذا الأداء سببه طبيعة السوق والقطاع الذي تعمل فيه، أم تجاوزات واستغلال إدارات الشركات للمناصب التي تتولاها والصفقات التي تعقدها.
الرقابة من مسؤولية المساهمين أيضاً، صغاراً وكباراً على حد سواء، ومن حق أي مستثمر لا بل من واجبه رفع الصوت والشكوى وطلب الاستيضاح عند أية شكوك للجهات المختصة، ومساءلة إدارات الشركات وسلطات الرقابة أمام القانون إن كان لديه الدليل على المخالفة.
الثقة بأسواقنا أهم وأسمى من أي شركة أو مجموعة تقف وراء هذه الشركة، فهي هدف أساسي لقيادتنا التي تعمل ليلاً ونهاراً لتحقيق خدمة الاقتصاد الوطني.
يبقى القول إن الرقابة هي جزء أساسي ومكون ثابت لتحقيق أعلى درجات العدالة، ويجدر بالجميع عدم التهاون فيها مهما تكن الأسباب والمبررات، وتفعيلها يجب أن يكون أولوية مطلقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"