عادي

«الصحة العالمية» تتطلب دعماً لا ضغطاً

03:24 صباحا
قراءة 3 دقائق

ربما سيجد الرئيس الأمريكي معارضة من قبل الكونجرس حول مسألة إيقاف الدعم عن منظمة الصحة العالمية.
بالرغم من خطورة الوضع الراهن المتمثل في تفشي وباء كورونا في أنحاء العالم أجمع، إلا أن الرئيس دونالد ترامب والجمهوريين لم يتخلوا عن أساليبهم المعهودة، واختاروا وقتاً غير مناسب للضغط على منظمة الصحة العالمية، الوكالة التابعة للأمم المتحدة، عن طريق تهديدها بإيقاف الدعم والتمويل. ويبدو أن إدارة ترامب ومناصريه في الحزب الجمهوري يبحثون عن كبش فداء لصرف النظر عن تخبط إدارتهم وتقاعسها عن أداء مهامها. صحيح أن منظمة الصحة العالمية ارتكبت أخطاء في طريقة تعاملها مع أزمة تفشي فيروس كورونا وغيره من الأمراض، لكنها في المقابل لم تتوان عن تقديم إرشادات وتعليمات مفيدة إضافة إلى إجراءات قيمة.
وكان الرئيس ترامب قد وجه انتقاداً لمنظمة الصحة العالمية، متهماً إياها بتركيز أنظارها على الصين بالرغم من تلقيها دعماً مالياً كبيراً من الولايات المتحدة الأمريكية، ومشيراً إلى أنه يدرس إمكانية إيقاف المساهمات المالية.
كما أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جيمس ريش، وهو جمهوري من ولاية أيداهو، أن منظمة الصحة العالمية باتت أشبه ب«دمية سياسية» للحكومة الصينية داعياً إلى إجراء تحقيق. وتبلغ المساهمات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة، لمنظمة الصحة العالمية 893 مليون دولار خلال فترة التمويل الحالية لمدة سنتين، أي ما يقارب14.67 في المئة من إجمالي تمويلها.
وتفتقر منظمة الصحة العالمية بشدة إلى الدعم، وناشد مديرها العام، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الدول إلى تقديم المزيد من التمويل خاصة بعد التفشي الكبير لفيروس كورونا.
ولربما سيجد ترامب معارضة من قبل الكونجرس حول مسألة إيقاف الدعم، لكن بكل الأحوال سيؤدي هذا التهديد إلى نتائج عكسية وخطيرة وسيساهم بصرف انتباه منظمة الصحة العالمية عن مكافحة وباء كورونا إلى كيفية تلقيها الدعم.
وبالعودة بالذاكرة إلى الوراء، فقد ارتكبت منظمة الصحة العالمية أخطاء في كيفية تعاملها مع بداية انتشار وباء إيبولا عام 2014 في غرب إفريقيا، حيث أودى بحياة 11310 أشخاص. لكن إعادة النظر في أداء المنظمة أدى إلى تركيز أكبر ساهم باستجابة سريعة للحد من تفشي المرض. وأثبتت المنظمة جدوى أدائها في الكونجو خلال أزمة إيبولا، بالرغم من الصعوبات التي واجهتها بسبب العنف وانعدام الأمن في البلاد. ومع بدء ظهور وباء كورونا لأول مرة، من ديسمبر إلى أواخر يناير لم تكن الصين شفافة تجاه شعبها والعالم حول مدى خطورة الموقف. وكان من المفترض على المسؤولين في منظمة الصحة العالمية، وفي مقدمتهم المدير العام، أن يكونوا أكثر حذراً بشأن أحكامهم المبكرة والتي جاءت إيجابية بشأن أداء الصين وقدرتها على احتواء الفيروس. ومن المحتمل أن يكون الهدف من وراء هذه التصريحات هو ضمان حماية تواجدها في الصين. كما أثبتت المنظمة سوء إدارتها في التعامل مع تايوان.
كل هذه السلبيات لا تلغي الدور المهم الذي اضطلعت به منظمة الصحة العالمية، حيث كانت الدعامة الأساسية للاستجابة السريعة لتفشي الوباء من خلال إجراء الاختبارات التشخيصية وتقديم المعلومات الوافية للبلدان التي لم تكن على اطلاع عليها. وتبقى الوكالة دائماً خط الدفاع الأول لمكافحة الأمراض، مثل الإيدز والملاريا والحصبة والسل. ويساهم عمل المنظمة حول العالم بحماية الأمريكيين من هذه الأوبئة. وسيكون من المنطقي بعد تجاوز أزمة كورونا، البحث عن السبل التي من شأنها ضمان توسيع وتعزيز جهود منظمة الصحة العالمية. في المقابل يبدو أنه من غير المنطقي العمل على تقويض دور الأشخاص الذين يسعون لمساعدة العالم في تجاوز هذه المحنة.

ذي واشنطن بوست

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"