الاقتصادات النفطية بين النامية والناشئة

03:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. لويس حبيقة
معظم الاقتصادات النامية يتكل على إنتاج سلعة واحدة غذائية كالبن أو الشاي أو القمح أو الذرة أو غيرها أو معدنية كالحديد والفولاذ والنحاس فالقطاعات والمناطق المرتبطة تتعزز على حساب الأخرى ما يحدث خللاً في النمو والتنمية ويؤثر في مستقبل الحكومات والشعوب. 
الفرق بين مجموعتي الدول النامية والناشئة من ناحيتي التضخم والخلل القطاعي وموقع الدول النفطية منها هو ان الدول النفطية تتقارب جداً من النامية. لكنها في نفس الوقت تتمتع بفائض كبير في ميزان المدفوعات ونسبة عالية من الادخار ونقص في اليد العاملة الوطنية يقربها من الدول الناشئة. واهم الخصائص الاقتصادية للدول النامية هي:
أولا، إنتاجية ضعيفة واقتصاد غير متنوع نتيجة رؤوس الأموال القليلة والادخار الداخلي غير الكافي. لماذا تكون الإنتاجية ضعيفة وهي الأساس؟ بسبب التعليم غير المناسب بل المتأخر كما بسبب الصحة المتدنية أي أمراض جدية تؤثر في العقل والنشاط الإنساني وبالتالي في واقعه ومستقبله. ينقص هذه الدول كفاءات كبيرة في القيادة ليس فقط علمياً وإنما في النزاهة.
ثانياً: فائض في العمالة مع إنتاجية ضعيفة ما ينتج عنهما بطالة مرتفعة وسوء استعمال لليد العاملة الموجودة. من خصائص هذه الدول نسب انجاب سكاني مرتفعة أي دخل فردي منخفض وأحياناً يتناقص مع الوقت.
ثالثاً: هنالك سوء توازن بين القطاعات وداخلها لا يتناسبان مع الموارد المادية والإنسانية المتوافرة. هنالك قطاعات متطورة وأخرى متأخرة ما يعني أن مستوى التنمية غير متجانس لا بين القطاعات ولا بين المناطق. معظم الاقتصادات النامية يتكل على إنتاج سلعة واحدة غذائية كالبن أو الشاي أو القمح أو الذرة أو غيرها، أو معدنية كالحديد والفولاذ والنحاس وغيرها. فالقطاعات والمناطق المرتبطة تتعزز على حساب الأخرى ما يحدث خللاً في النمو والتنمية يؤثر في مستقبل الدولة والشعب.
رابعاً: هنالك عجز مزمن في الحسابات الخارجية يفرض استدانة كثيفة من الخارج لأن الادخار الداخلي غير كاف. إن أسعار المواد الأولية تكون عموماً منخفضة أو غير كافية لتمويل حاجات الشعب والدولة. لذا تكون الحسابات الخارجية عاجزة وبالتالي الادخار ضعيف أيضاً.

خامساً: هنالك قاسم مشترك لهذه الدول هو التضخم المرتفع الناتج عن سوء التوازن بين العرض والطلب، وهذا ما حصل في معظم الدول الإفريقية والأمريكية اللاتينية. في العلوم الاقتصادية، ارتفاع الطلب نسبة للعرض يحدث تضخماً وهذا طبيعي. لكن المشكلة تكمن أكثر في عجز هذه الدول عن محاربة التضخم بشكل فعال وسريع. ضعف المؤسسات وعدم احترام القوانين والإجراءات يؤخران السيطرة على هذا المرض الخطير.

الاقتصادات النفطية خاصة دول مجموعة «أوبك» ال 14 التي تحتوي على الاحتياطي الأكبر من السلعة علما أن إنتاجها هو في حدود الثلث العالمي. تنتج مجموعة أوبيك 32,5 مليون برميل في اليوم علما بأن الطلب العالمي على النفط يقارب 95,3. الثروة الأساسية تكمن في الاحتياطي النفطي الموزع بين هذه الدول التي تحتوي على 81% من الاحتياطي العالمي.
وقامت الدول النفطية باعتماد سياسات وبرامج للتنوع الاقتصادي ومنها:
أولا، التركيز على الصناعات الممكنة ذات التقنية العالية وأيضاً تطوير القطاع المالي في المؤسسات والشفافية والفعالية.
ثانيا: تكبير دور الدولة في الاقتصاد من ناحية الاستثمارات في البنية التحتية والسخاء في الدعم وتمويل دولة الرفاه والبحبوحة. المطلوب الاستثمار في المستقبل مما يشكل الفارق الأساسي بين الدول التي تهدر والأخرى التي تبني للأجيال المقبلة.
ثالثاً: فتح الحدود أمام انتقال السلع والخدمات وخاصة استيراد العمالة والكفاءات لأن العرض الداخلي غير كاف. هنا تكمن أهمية التجارة الدولية والاتفاقيات حولها. هنا تكمن أيضاً سياسات التأشيرات والإقامة التي تختلف صرامتها بين دولة وأخرى.
رابعاً: هنالك جهد كبير يبذل للسيطرة على التضخم عبر تحويل الطلب من الاقتصاد الداخلي إلى الخارجي أو عبر تنفيذ سياسات مالية ونقدية متحركة تترافق مع تغييرات مناسبة في سعر الصرف أو تحديداً رفع لسعر صرف النقد الوطني تجاه الدولار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"