ضريبة القيمة المضافة.. اليوم أو غداً

02:09 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.حبيب الملا

من الضروري أن تستمع الهيئة إلى آراء المعنيين والمخاطبين بالضريبة والمشمولين بها والعمل معهم لتلافي أي سلبيات في التطبيق وصولاً إلى التطبيق الأمثل للضريبة. كما يجب إبداء المرونة فيما يتعلق بتطبيق العقوبات
تترقب الأسواق دخول ضريبة القيمة المضافة حيز التنفيذ في الأول من شهر يناير/ كانون الثاني المقبل بكثير من الحذر. ولعل السبب يكمن في أن هذه أول ضريبة يتم فرضها في الدولة. صحيح أن هناك قطاعات خاضعة لضريبة الدخل منذ فترة طويلة كشركات البترول وفروع البنوك الأجنبية إلا أن هذه هي المرة الأولى التي سيتم فيها تطبيق ضريبة تشمل قطاع واسع جداً من السلع والخدمات وتمس بشكل مباشر قطاع عريض من السكان.
وقد أثارت تصريحات كل من رجل الأعمال والرئيس السابق للمجلس الوطني الاتحادي عبد العزيز الغرير وكذلك حمد بوعميم مدير عام غرفة دبي، بالتريث في تطبيق الضريبة وربما تأجيل تطبيقها ردود فعل بين مؤيد لما أورده الرجلان وهما على علم ودراية بأوضاع الشركات والأسواق - بحكم عمليهما - ومن رأى عدم الالتفات إلى تلك الاعتراضات والبدء بتطبيق الضريبة في الموعد المحدد لها سلفاً.
والمطلع على أحوال السوق يدرك أن ما أدلى به الرجلان انعكاس لحالة من الإرباك تمر بها الشركات العاملة في الدولة حيث لم يتبق على موعد تطبيق الضريبة إلا ما يزيد على الشهر بأيام قليلة. فكثير من الشركات لم تنجز الاستعدادات اللازمة لتطبيق الضريبة في حين أن هذه الشركات هي المعنية أساساً بتحصيل الضريبة وتوريدها للحكومة.
ولئن كان هناك تباطؤ من بعض تلك الشركات في التسجيل وهيكلة الأنظمة المالية لديها استعداداً للضريبة، فإن بعض التأخير يعزى إلى الجهات المسؤولة عن تطبيق الضريبة في تنفيذ خطة التوعية الشاملة التي كان من المفروض أن تباشرها لتوعية فئات المجتمع بشكل عام والفئات المستهدفة بالضريبة بشكل خاص بآليات تطبيق الضريبة خاصة وأن ضريبة القيمة المضافة - على خلاف ضريبة المبيعات - ضريبة معقدة وتمر بمراحل عديدة من الجباية والتحصيل والاسترداد. إذ إن الشركات تحتاج إلى التحضير المسبق للتمكن من الامتثال بالالتزامات الضريبية الجديدة كعملية فرض الضريبة وتحصيلها وسدادها إلى الإدارات الضريبية في الوقت المناسب. إذ يفترض أن يسبق التطبيق، وبوقت كافٍ جداً، خطة توعية شاملة تتضمن ورش عمل وندوات تعريفية بينما لم يتم من ذلك إلا القليل وفي وقت متأخر. بينما معظم الندوات التعريفية وورش العمل باشرتها شركات المحاسبة أو المحاماة من باب الترويج والتسويق.
إذ لم تصدر الهيئة، على سبيل المثال، حتى اليوم كتيباً تعريفياً بالضريبة وآلياتها ولوائحها كما لم يتم حتى اليوم نشر اللائحة التنفيذية للضريبة مع أنه يفترض أن يسبق تطبيق الضريبة إقرار اللائحة التنفيذية للقانون. كما أن الإعلان مؤخراً عن شمول الضريبة للمواد الغذائية بعد أن أعلن في وقت سابق عن استثنائها من تطبيق الضريبة يدل على إرباك الجهات المسؤولة عن تطبيق الضريبة، فما بالك بالمخاطبين بها. وما زالت مسألة نشاط الشركات العاملة في المناطق الحرة لم تحسم بشكل نهائي وحاسم بعد.
ولا أظن أن وزارة المالية في معرض التفكير في تأجيل تطبيق الضريبة، إذ يبدو أن الوزارة قد أعدّت خطتها المالية للسنة القادمة على تحصيل العائدات المتوقعة من تطبيق الضريبة.
وفي حال ما إذا تم تطبيق الضريبة في الموعد المحدد لها فإنه من الضروري اعتبار السنة الأولى من التطبيق بمثابة ما يسمى Learning Curve أو فترة تمهيد للتعرف على الجوانب العملية للتطبيق وما قد ينتج عنها من إشكالات. ومن الضروري أن تستمع الهيئة الاتحادية للضرائب إلى آراء المعنيين والمخاطبين بالضريبة والمشمولين بها والعمل معهم لتلافي أي سلبيات في التطبيق وصولاً إلى التطبيق الأمثل للضريبة. كما يجب إبداء بعض المرونة في التطبيق خاصة فيما يتعلق بتطبيق العقوبات الواردة في القانون، فالعقوبات باهظة وقد تؤدي فيما لو تم استخدامها بشكل غير مدروس - خاصة في بدايات تطبيق الضريبة - إلى عمليات تحايل وتهرب ضريبي سيربك عملية التحصيل والتطبيق، فالهدف في النهاية هو تحصيل الضريبة الواردة في القانون بشكل سلس وبتعاون مثمر من الجميع.

* خبير قانوني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"