هل يعد الاحتلال لعدوان على غزة؟

02:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

مشكلة «الإسرائيليين» الحقيقية، أنهم يتعاملون مع الآخر، على أنه أعمى، وأنهم وحدهم الذين يبصرون، وأن بإمكانهم أن يجعلوا العالم يصدق ما يسوّقونه من خداع وأكاذيب، كما أنهم يعتقدون أيضاً أن العالم مصاب بالغباء، بشكل يجعله فريسة سهلة لخداعهم.
ولعل أبرز أساليب الخداع هذه تلك التصريحات الديماغوجية التي يطلقها قادة «إسرائيل» بين حين وآخر،حول الأوضاع في قطاع غزة، وكأنهم طرف لا علاقة له بأزمات الفلسطينيين في القطاع، أو كان قطاع غزة يقع في شرق آسيا، وليس منطقة فلسطينية شبه محتلة بفعل الحصار العسكري «الإسرائيلي».
ففي تصريحات تهدف على ما يبدو إلى تهيئة الرأي العام العالمي لعدوان «إسرائيلي» جديد على الفلسطينيين في قطاع غزة،حذر رئيس أركان جيش الاحتلال غادي ايزنكوت قبل يومين خلال اجتماع الحكومة «الإسرائيلية» من احتمال نشوب حرب في قطاع غزة خلال العام الحالي بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية المتصاعدة، مضيفاً، إن الوضع في القطاع يتدهور في مجال المياه والمواد الغذائية والكهرباء، وأشار إلى أن أزمة الكهرباء هي الأكثر حساسية نظرًا لظروف الطقس الصعبة والحاجة الماسة إلى التدفئة، بحسب ما نقلت القناة «الإسرائيلية» العاشرة عن وزيرين حضرا الاجتماع.
المسؤول «الإسرائيلي» أعلن صراحة أن «هناك فرصة أكبر لاندلاع جولة أخرى من القتال حيث احتمالات المواجهة في تصاعد». وتأتي هذه التصريحات في أعقاب تقرير لافت أصدرته الدوائر الأمنية في «إسرائيل» قالت فيه إن قطاع غزة يتجه إلى الانهيار الاقتصادي والحياتي مما ينذر بمواجهة عسكرية ، وإن تقديرات الوضع على صعيد القطاع خطيرة بشكل خاص، إذ بعث كبار قادة الأمن تحذيراتهم لنتنياهو مؤخراً بشأن دلائل على تدهور دراماتيكي في الوضع الاقتصادي والإنساني داخل القطاع، وأن خطورة الوضع دفعت لدراسة إمكانية إرسال المواد الغذائية والأدوية عبر «إسرائيل» إلى غزة للمرة الأولى.
والحقيقة أن هذا التقرير وتلك التصريحات «الإسرائيلية» عن احتمال نشوب صراع جديد،ليس إلا محاولة «إسرائيلية» لتمهيد الأجواء لعدوان جديد على قطاع غزة،حيث يتناسى قادة الاحتلال أن الحصار «الإسرائيلي» المفروض على قطاع غزة، إنما هو السبب الوحيد في أزمات القطاع المتفاقمة، ومعاناة أهلنا في غزة،التي يحاول القادة «الإسرائيليون» استغلالها الآن وكما هو الحال دائما،في سبيل استخدامها كأوراق سياسية «إسرائيلية» داخلية، أو لتصدير الأزمات «الإسرائيلية» إلى الخارج.
وعلى الرغم من أن الأوضاع اللاإنسانية التي يعيشها القطاع الفلسطيني المحاصر،عامل لا يمكن إغفاله في إمكانية تصاعد التوتر في هذه المنطقة، وأن صبر الشعب الفلسطيني على ممارسات الاحتلال وحصاراته وجرائمه المتواصلة، له حدود إلا أن أحداً لا ينكر أنه لو كانت سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» جادة فعلًا في البحث عن سبل لتخفيف احتمالات الحرب في قطاع غزة، لأنهت الحصار على القطاع، أما أن تقدم «إسرائيل» نفسها على أنها تسعى إلى تخفيف التوتر، وأنها استناداً إلى هذه التقارير تقوم بدراسة إمكانية إرسال المواد الغذائية والأدوية إلى غزة للمرة الأولى، فإنه أمر جد مضحك ويدعو إلى الدهشة، حيث تحاول «إسرائيل» تصوير نفسها أمام العالم على أنها معنية بإيجاد حلول لأزمات الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، والذي يشبه، بسبب الحصار المتواصل منذ سنوات ،سجناً كبيراً، أو معزلاً عنصريا، يفضح حقيقة الاحتلال ومدى تجاهله لحقوق الشعب الفلسطيني، وأهمها حقه في العيش بكرامة في أرضه سواء في قطاع غزة المحاصر أو في الضفة الغربية.
وأخيراً لا بد من القول، إن احتمالات عدوان «إسرائيلي» جديدة ضد غزة أمر وارد، ليس الآن وإنما دائماً، ليس بسبب الأوضاع اللاإنسانية التي يعيشها القطاع فقط، وإنما لأن خلق الأزمات وافتعال الحروب، سياسة «إسرائيلية» ثابتة ودائمة، وما يقوله قادة «إسرائيل» عن رغبتهم في تفادي اندلاع الحروب والنزاعات الجديدة، سواء ضد غزة أو لبنان أو سوريا ليس إلا محاولات لذر الرماد في عيون العالم، أو للفت انتباه الرأي العام «الإسرائيلي» إلى الخارج بعيداً عن الأزمات السياسية الداخلية، وتسويق «إسرائيل» كأنها باحث عن السلام في المنطقة.
وهو أمر بات مكشوفاً على كل من قرأ ويقرأ تفاصيل الصراع العربي «الإسرائيلي» المتواصل منذ أكثر من مئة عام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"