نحن والصين

03:25 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبد العزيز المقالح

الشعوب لا تتغير من خارجها ولا تتقدم إلا إذا وجدت الدافع الداخلي.

لا يشغلني شيء من شؤون العالم الآن، كما يُشغلني حال الصين وما حققته في سنوات قليلة من تطور مدهش على أكثر من صعيد، في حين بقينا نحن لا نتقدم إن لم نتأخر وهو أمر محيّر للغاية. لقد تمكنت الصين في السنوات الماضية من أن تحقق هذا الإنجاز العظيم بعد أن كانت ممزقة الأجزاء خاضعة لاحتلال مباشر وغير مباشر، بينما ظللنا نرسف في أغلالنا المنظورة وغير المنظورة، ونراوح مكاننا كأننا شعب من الجماد لا البشر.

وكما لنا في الصين نموذج مهم ولافت، فإن لنا كذلك في الدول المتقدمة نموذجاً آخر يغري بالتطور ويبعث على الرغبة في الحركة ومحاربة الجمود، لكن مما يؤسف له أن كل هذه المغريات تتبدد في الهواء، ولم يحدث أي تغيير يذكر في حياتنا الراكدة.

لقد شغلني ذلك كما شغل كثيراً من البشر في الشرق والغرب، وجعلني أتوقع بين وقت وآخر أن يحدث التأثير المطلوب، إلا أن ذلك لم يحدث، ولا يعلم إلا الله وحده متى نبدأ بتقليد من سبقونا إلى المتغيرات. وقد يظل ذلك هو حالنا لغياب الإرادة الفاعلة والرغبة الأكيدة في الانتقال من حال إلى حال. إن الشعوب لا تتغير من خارجها ولا تتقدم إلا إذا وجدت الدافع الداخلي، وذلك بالإمكان على الرغم من كل المعوقات الراهنة التي يمكن تجاوزها والعبور عليها.

هل علينا أن ننتظر أكثر مما انتظرنا وأكثر مما نستطيع؟

ذلك سؤال والإجابة عنه في الفعل المنتظر الذي بدونه تبقى حياتنا جامدة خامدة. ولا مناص لنا من الحركة والخروج من دوائر التخلف لنتمكن من اللحاق بشعوب الأرض التي كانت تعاني ما نعانيه الآن، وكانت تواجه من التحديات ما نواجهه نحن أيضاً. وما لا خلاف عليه، هو أن للتغيير تبعاته وتكاليفه، وقد آن لنا أن نقدم تلك التكاليف دون تأخير.

يقول العاجزون إنه لم يعد بإمكاننا تجاوز ما نعانيه، وهو زعم مرفوض لا يقوم على أي أساس؛ ذلك أنه بمقدورنا إذا أردنا التطور أن نحقق ما نريد، وأن نواجه بصبر كل التحديات التي تقف على طريق هذا التطور، وأن نبدأ الآن ما نرغب فيه، خير من أن نبدأه بعد وقت قد يطول وقد يقصر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"