رفاهية تفقد بريقها

04:48 صباحا
قراءة دقيقتين

انتهى الزمن الذي كانت الرفاهية فيه قاصرة على مجموعات مختارة من صفوة المجتمع، هي القادرة على اقتناء العلامات الأصلية من مختلف المنتوجات، ولم تعد الأسعار المرتفعة للماركات العالمية تمثل تهديداً لمعدل المستهلكين الذين يقبلون على اقتنائها.

حتى في الأوقات الصعبة التي مر بها الاقتصاد مؤخراً، كان الكثيرون يهرولون للحصول على أحدث الموضات والرفاهيات بصرف النظر عن أسعارها.

منذ فترة ليست طويلة كان الأفراد يحصلون على قروض لتمويل مشاريع أحلامهم، أو الحصول على تعليم لائق ومناسب، أما الآن، فيقترض الناس لشراء مجوهرات وهواتف نقالة، وحقائب يدوية تحمل توقيع كبار المصممين.

أدرك تماماً أهمية وجود حقائب يدوية قد يصل ثمن الواحدة منها إلى 100 ألف درهم، وأدرك أن هناك من يقدر على دفع ثمنها الباهظ ويعرف قيمتها، فشراء مثل هذه المقتنيات بالنسبة إليهم يشبه رياضة القنص أو الصيد.

لكنني أجزم بأن هناك بعض الأشخاص الذين لا يعرفون لماذا يقبلون على شراء هذه الأشياء، أو السبب الحقيقي وراء الأسعار المهولة لهذه الماركات العالمية، ولا يهتمون بمعرفة أي شيء عنها سوى أنها نادرة ولن يتمكن غيرهم من اقتنائها.

إنهم حتى لا يسألون أنفسهم ما إذا كانوا معجبين بها حقاً أم لا؟

تناسبهم بالفعل أم لا؟ في الواقع كل الإجابات عن مثل هذه الأسئلة غير مهمة لهم.

إن ما يصدم حقاً هو أننا نعيش عصراً أصبحت فيه مثل هذه الرفاهيات ضرورات.. فنحن نُقيَّم من خلال ملابسنا التي نرتديها وإكسسواراتنا التي تزيّننا، وليس كلماتنا التي نتفوه بها، أو أفكارنا الدائرة في خلدنا.

لقد أخبرني كثيرون أنهم عندما يتواجدون في أي مكان وهم يحملون حقائب يد من ماركات شهيرة، وينتعلون أحذية أصلية، يحصلون على احترام وتقدير كبيرين، نعم بات يمكن للمرء أن يشتري مكانته من واجهة أي محل.

لكن هل أصبح الفراغ في حياة الأفراد بهذه الضخامة، بحيث يبحث البعض عن النادر من الماركات ليحملها، ليتفحصه الآخرون؟ حقيقة أتعجب، وأتساءل إذا كان هناك حل مجدٍ لهذه الظاهرة.

وأتساءل متى سينتهي هذا السباق لامتلاك واقتناء المنتجات الغالية؟ وماذا سنكسب عندما نصل إلى خط النهاية؟

لقد تحولت الماركات الشهيرة مثل هيرمس وشانيل إلى أولويات حياتية دافعة بالذكاء وحسن التصرف إلى الواجهة الخلفية. وقد انتشر مرض الماركات ليغزو جسم المجتمع وينسف مفهوم الأولويات لدى الكثيرين، ويغرق الشوارع بمقتنيات كانت ذات يوم نادرة وفريدة.

وإذا كانت الماركات الشهيرة نوعاً من الرفاهية البراقة، فإنني لكثرة انتشارها، بت أراها على عكس ما يراها الآخرون أشياء تافهة وغير ذات قيمة، فالرفاهية بالنسبة لي لم تعد بذاك البريق الذي عهدناه.

ترى، هل سيعود إليها بريقها ذات يوم؟

aysha_t @gulftoday.ae

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس تحرير صحيفة Gulf Today الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"