الوسيلة والفضيلة

03:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

سألني أحدهم عن الدعاء المعروف الذي يردده الناس بعد أن ينتهي المؤذن من الأذان وهو: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة... إلى آخر الدعاء.
- أقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم، علّم أصحابه أن يدعوا بهذا الدعاء، ففي الحديث: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة». (رواه البخاري)
- وورد في حديث آخر: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول: ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى عليّ صلاة، صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلاّ لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة» (رواه مسلم)
- إذن هذا الدعاء توقيفي، بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم، علّم أصحابه أن يدعوا بعد الأذان بعبارات معينة، ونحن مأمورون بالاتّباع.
- فالدعوة التامة هذه المقصود بها الأذان، والأذان موصوف بأنه دعوة تامة، لأنه يشتمل على تعظيم الله جل جلاله، ويشتمل على توحيده الذي خلق الخلق من أجله.
- كما أن الأذان أكبر شاهد على الرسالة المحمدية، فالشهادة بأن الله واحد أحد، مقرونة بشهادة أن محمداً بن عبد الله بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، لذا فإن إسلامنا لا يكتمل إلا بالشهادتين معاً.
- والصلاة القائمة هي الصلاة التي من أجلها أذن المؤذن، سواء كانت فجراً أم ظهراً أم عصراً أم مغرباً أم عشاء، وهي وإن لم تكن قائمة وقت الأذان فإنها ستقوم بعد قليل بمجرد أن يقول المؤذن، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة.
- «آت محمداً الوسيلة والفضيلة» أي: أعط يارب سيدنا محمداً تلك الدرجة الرفيعة في الجنة، وهي درجة لا يستحقها إلا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، فهو فخر ولد آدم بلاشك.
- والفضيلة هي المنقبة العالية التي لا يشاركه فيها أحد، فهي أيضاً ليست فضيلة عادية، بل أعلى درجة في المنقبة لأشرف رسول في المنزلة.
- يقول ابن عثيمين رحمه الله تعالى: وابعثه مقاماً محموداً، وهذا المقام يشمل كل مواقف يوم القيامة، إلا أن الأخص هو الشفاعة العظمى التي لم تعط لأحد من الأنبياء غير محمد بن عبدالله، وفي الحديث أن الناس يوم القيامة عندما يكونون في همّ وكرب شديد، يذهبون إلى الأنبياء واحداً واحداً، لعلهم يشفعون لهم.
إلا أن الأنبياء جميعاً يوجهون الناس بالذهاب إلى خاتم الأنبياء ليشفع لهم لما يرون في محمد عليه الصلاة والسلام من مقام رفيع عند الله تعالى، رغم أن في الأنبياء من هم من أولي العزم من الرسل.
- وسألني سائل عن قول بعضهم في نهاية الدعاء: إنك لا تخلف الميعاد، فقلت: إن بعض الروايات مثل رواية البيهقي اشتملت على هذه العبارة.
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: «سند رواية البيهقي صحيح، وبما أن المقام مقام دعاء، فإن هناك ما يعززه، ففي القرآن الكريم: «ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد» (الآية 194من سورة آل عمران)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"