الموقع الجديد لبنك دبي الوطني في لندن (3)

كشاكيل ملونة
01:42 صباحا
قراءة دقيقتين

اتبع بنك دبي الوطني الذي كان مجلس إدارته يتكون من نخبة من رجال الأعمال من ذوي الخبرة في التجارة، السياسة التحفظية في عدم الاندفاع للتوسع في الإقراض التجاري، ووضع أسس هذه السياسة التحفظية خبير مصرفي اسكتلندى تولى الادرة العامة للبنك منذ انشائه في عام 1963م، وكان اسمه على ما اذكر ماك وكان ضحم الجثة لا يوحي منظره لأول وهلة بالذكاء المفرط الذي كان يتمتع به، وقد فعل مؤسسو البنك حسناً عندما اختاروا هذا الرجل لإدارة المؤسسة الجديدة، لأنه كان بريطانياً، ولبريطانيا يومئذ اليد الطولي في القرارات التي لا تتفق مع مصالحها وإحدى هذه المصالح هي أن تكون للمؤسسات البريطانية الأولوية في الاستفادة من التجارة والمشروعات التجارية.

وكان هذا المدير البريطاني المستر ماك يخلق توازناً بين نفوذ البنك البريطاني وتأثير الحكومة البريطانية، وبين ما تقتضيه مصالح المؤسسة المالية الجديدة، بنك دبي الوطني.

وبفضل السياسة التحفظية وعدم ترك الحبل على غاربه، استطاع البنك أن يواجه الصعاب الكثيرة التي اعترضت طريق المؤسسات المالية الأخرى، وجاءت بنوك أخرى واختفت وتعثرت وتراجعت ولكن بنك دبي الوطني ظل هو القعلة التي صمدت تصارع وتلاكم دون أن تخدشها الجروح. وفي اثناء الحروب الإقليمية كحرب ايران والعراق، وغزو العراق للكويت ظل بنك دبي الوطني الصرح القوي الذي لم تهزه العواصف.

ولم يتوقف الأمر عند حسنات السياسة غير الاندفاعية للبنك، بنك دبي الوطني، لكن ثبت في اثناء الأزمات أن هذه السياسة هي عين الصواب، وأن الأخطاء الناتجة عن هذه السياسة كانت في حدودها الأدنى مقارنة بالبعض الذي كان يمشي وعيونه مغمضة.

وكان المنتقدون لسياسة البنك يرون ان مساهمات البنك في النشاط التجاري المحلي محدود ولكن مثل هذا الانتقاد لم يكن يقاوم الحقائق التي اثبتت عدم صحة مثل هذه الانتقادات، وما الحالات التي مرت بها البنوك وتمر بها الآن إلا دليل على أن بنك دبي الوطني لم يخرج بتعاملاته عن النظام المصرفي السليم، وأن السير على هذا النظام هو المسار الصحيح، وأن الخروج عن النظام المصرفي بالمضاربات في تعاملات تتسم بالمغامرة والزج بالمعاملات المصرفية في أمور غير مصرفية، ليس غير مجد ولا نافع فقط بل ضرره أكثر بكثير من نفعه.

وفي رأيي أن على وزارة الاقتصاد والبنك المركزي وضع نظام يتم بمقتضاه تقديم من يعرضون المؤسسات المالية للمخاطر والخسائر والضرر إلى المحاكم، وجعل هؤلاء يشعرون بأنهم ليسوا في مأمن، وأن القانون لهم بالمرصاد، وأن المسيئين لا يحميهم شيء غير أماناتهم وأن ما وقع يقع من العبث لن يذهب من دون مساءلة وعقاب، وأن الجزاء الحسن لمن أحسن عملاً وليس لمن اساء، ونقول للمسيء وللفاسد والمفسدين ما يقوله الشيخ محمد بن راشد، الفساد لا نريده ولا نقبله ونحن منه براء. كتاب رؤيتي، للشيخ محمد بن راشد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"