حكم الوشم

02:25 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

ورد في المعجم الوسيط: «وشم الجلد يشمه وشماً، أي غرزه ثم ذرّ عليه النيلج فهو واشم».
والفرق بين الوشم والرسم بالحناء أن ما يرسم بالوشم يبقى أثره ولا يزول بالغسل أو بمرور الزمن، وما يرسم بالحناء رسم ظاهري يمكن أن يُزال أو يزول بعد فترة، وهو لون ولا جسم له.
وكلا هذين يمكن أن يستخدم من قبل الجنسين الرجل والمرأة للزينة، لكن الشريعة الإسلامية فرقت بين الزينة الدائمة التي تغير لون العضو وشكله كالوشم بالإبرة، وبين الزينة المؤقتة التي هي مجرد لون ويزول كالحناء وغيرها.
فالزينة الدائمة إذا كانت بسبب غرز إبرة في الجسم وذرّ مادة عليه فهي محرمة لأنها من باب تغيير خلق الله تعالى، وفي الحديث الشريف: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) (رواه البخاري ومسلم).
يقول الإمام النووي في شرح مسلم: «الواشمة فاعلة الوشم وهي أن تغرز إبرة أو مسلة في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر، وفاعلة هذا واشمة، والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك بها فهي مستوشمة، والوشم حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها» (انظر شرح النووي على صحيح مسلم ج ١٤ ص ١٠٦).
أما الوشم المؤقت فهناك ما يستخدم فيه من الوسائل ما يحدد الشفاه أو الحاجب بحيث يبقى أثره ستة أشهر أو أقل أو أكثر ثم يزول، فهذا يأخذ حكم الوشم الدائم.
وإذا كان الوشم المؤقت من قبيل ما يسمى التاتو، فله حكم الخضاب لأنه مجرد لون كالحناء ولا يستخدم فيه الغرز.
يقول الشيخ صالح المنجد: التاتو مباح بشروط وهي:
- أن يكون الرسم مؤقتاً ويزال.
- ألا ترسم بالتاتو ذوات روح.
- أن تكون هذه الزينة بين المرأة وزوجها فقط.
- ألا يكون اللون المستخدم ضاراً بالجلد.
- ألا تحمل الرسومات ديناً أو رمزاً لعقيدة فاسدة.
إذن، الفرق بين الوشم والتاتو أن الوشم فيه تغيير لخلق الله تعالى بالغرز، والتاتو لون كالخضاب ويزول، وقد قال الإمام الصنعاني في شرحه على «بلوغ المرام»: «وقد عُلل الوشم في بعض الأحاديث بأنه تغيير لخلق الله، ولا يقال إن الخضاب بالحناء ونحوه تشمله العلّة، وإن شملته فهو مخصوص، بالإجماع، وبأنه وقع في عصره صلى الله عليه وسلم» (انظر سبل السلام ج١ ص ١٠٥).
والرأي الطبي في الوشم أنه كما يقول بعض الأخصائيين في أمراض الجلد ينطوي على مخاطر مثل إمكانية الإصابة بسرطان الجلد والصدفية والحساسية والالتهاب الحاد بسبب التسمم، وقد يؤدي إلى التأثير على الحالة النفسية فيغير سلوك الشخص، والمشكلة الأكبر أنه لايُزال وإزالته تحتاج إلى إزالة مكونات خلايا البشرة عن طريق استئصال الجلد في منطقة الوشم.
والحكم الفاصل في الوشم أنه حرام شرعاً وطباً، والنادم على وشم في جسمه وهو غير قادر على إزالته عليه أن يتوب توبة نصوحاً ولا شيء عليه إن شاء الله تعالى (انظر فتح الباري ج ١٠ ص ٣٧٢).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"