الصحة العقلية أولاً

04:45 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

حسب آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية يعاني ١٥٪ من سكان العالم اضطرابات الصحة العقلية والنفسية، مما ينتج عنه ارتفاع حالات الانتحار وخصوصاً بين فئات الشباب، كما تشير ذات الدراسة إلى أن الاكتئاب والقلق هما أحد أكثر الأمراض المسببة للوفاة بحلول ٢٠٣٠ وذلك بفعل الاضطرابات النفسية والسلوكية أو حتى بعض الأمراض المزمنة مثل السكري والسرطان وأمراض نقص المناعة المكتسبة.
تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الإطار استراتيجية متكاملة لتحقيق صحة نفسية أفضل للأفراد تضم محاور أساسية هي: التعافي والتكامل المجتمعي، وتقديم الخدمات، والتوعية والوقاية والتدخل المبكر إضافة إلى الحوكمة والتنظيم، والهدف: تعزيز القيادة والصحة النفسية ومنع الأمراض النفسية طوال الحياة وتوفير الخدمات المتكاملة، وتمكين المريض من العيش حياة كاملة.
ولكن ما مدى فاعلية خطوة التدخل المبكر على وجه التحديد؟ والذي من المفترض أن يتم في المراحل الدراسية المبكرة من خلال رصد ميزانيات وفرق عمل متخصصة لاكتشاف الحالات ومتابعتها ومساعدتها على تجاوز العقبات الأسرية والمجتمعية والثقافية، وخصوصاً أن الجهل بطبيعة الأمراض العقلية والنفسية لايزال هو سيد الموقف المجتمعي من هذه المشكلة، يليه الرفض والإنكار أو الخوف من الإفصاح إلى جانب احتمالية تداخل الأعراض وعدم القدرة على تحديدها، وأخيراً تراجع الاهتمام بدراسة هذا الاختصاص وفروعه المختلفة.
كما يمكن أن تطرح تساؤلات جدية حول مدى إمكانية التدخل التكنولوجي في حل مشكلة قلة عدد المتخصصين ومقدمي الرعاية النفسية والعقلية في مدارسنا وجامعاتنا؟ هل نملك ما يكفي من الأخصائيين والأطباء ومقدمي الرعاية النفسية ممن يفهمون سياقنا الثقافي والاجتماعي وطبيعة التغيير الذي تتعرض له الأجيال الجديدة؟ وكيف ينظر المسؤولون في الوزارات والجهات المعنية للفجوة الكبيرة بين احتياجات فئة صغار السن والشباب وما يقابلها من توفر الإمكانات البشرية والموارد المالية والخدمية؟
إن هذه المعضلة تؤثر في حياة أكثر من ٣٠٠ مليون شخص حول العالم، الأمر الذي يدفع شخصاً واحداً من كل أربعة إلى إنهاء حياته كل ٤٠ ثانية، وذلك حسب آخر ما ذكره التقرير السابق، مما يحتم علينا تشكيل هياكل تنظيمية واضحة ومحددة للرعاية العقلية والنفسية ضمن المنظومات التعليمية والأكاديمية، وسن قوانين وضوابط تشجع على الممارسات المسؤولة في البيئات التربوية، وكذلك تبني مقاربات لاختبار مدى فعالية الحل التكنولوجي ودوره في العلاج والرعاية والمتابعة، إضافة إلى تمكين المتخصصين في مستويات مختلفة من تطبيق برامج الرعاية الفردية، وأخيراً إتاحة خدمات الإسعافات الأولية اللازمة في الأماكن المختلفة، وهو مشروع حديث نسبياً في بلداننا العربية، إلا أنه قابل للتطبيق من باب تحقيق التكافل المعنوي من قبل أشخاص تلقوا دورات تدريبية متخصصة تضمن لهم ممارسة الدعم النفسي في محيطهم كلما لزم الأمر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"