روبنشتاين العاتب على الفلسطينيين

03:01 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

كم هي متناقضة، وساذجة، تلك الفلسفة التي يحملها المحتلون «الإسرائيليون»، على اختلاف انتماءاتهم السياسية، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين المتطرف. فعلى الرغم من أن اليمين «الإسرائيلي»، يعتبر أكثر وضوحاً في عدائه للعرب، وتنكره للحقوق الوطنية الفلسطينية، إلا أن المفارقة الكبيرة هي أنه حتى الأحزاب المسماة يسارية، نراها تنهل من نفس المعين الذي تشرب منه القوى اليمينية «الإسرائيلية»، ليبدو اليمين واليسار في «إسرائيل» وجهان لعملة واحدة لا يمكن التفريق بينهما، إلا بأسماء الأحزاب أو اليافطات التي ترفعها، لذر الرماد في عيون العالم.
فها هو البروفيسور امنون روبنشتاين، وزير التعليم نيابة عن حزب «ميرتس» في حكومة رابين في سنوات التسعينات، يعلن أن للفلسطينيين دوراً في انهيار اليسار «الإسرائيلي» في الانتخابات.
أما كيف أسهم الفلسطينيون في انهيار اليسار «الإسرائيلي»، فإن روبنشتاين اليساري تبرع بشرحه في إطار لقاء أجرته معه صحيفة «إسرائيل اليوم»، حيث أوضح في معرض حديثه عن أسباب فشل اليسار: إن «الموضوع الأمني والسيادة بالغ الأهمية بالنسبة للناخبين«الإسرائيليين»، ويسبق كل شيء، وفي الانتخابات القطرية يعبر الجمهور عن الحاجة للدفاع عما لنا، وعن عدم ثقته بالفلسطينيين» على حد قول روبنشتاين، الذي أضاف أن الحركة الليبرالية في «إسرائيل»، واليسار بشكل خاص، تبنيا مقاربة الأرض مقابل السلام، ورد الفلسطينيون بالأرض ليس في مقابل السلام، وإنما مقابل المزيد من الأرض، وأصروا على حق العودة كأمر مقدس. متهماً الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بإفشال «عملية السلام» وأنه شجع الإرهاب، كما ينتقد روبنشتاين الانسحاب «الإسرائيلي» من غزة، والذي كانت نتائجه لا تقل خطورة. على حد قوله.
وعندما سئل البروفيسور روبنشتاين عما إذا كانت كلماته تعزز النزعة للتحدث عن مصطلحات الضم وليس الاتفاق، قال: «كانت عملية إخلاء غزة مؤلمة للغاية ومملوءة بالأخطاء، أنا أؤمن بعملية تدريجية، وليس من جانب واحد، كان من الممكن تحقيق السلام والهدوء، وخلق تعاون اقتصادي، والمساعدة في إعادة إعمار وتعزيز الحياة جنباً إلى جنب». داعياً إلى استفادة «إسرائيل» من الانقسام في العالم العربي من أجل إخراج نفسها من العزلة الإقليمية
وتابع قائلاً: «لقد نجح نتنياهو في تحقيق فترة من الهدوء النسبي، لكن هذا الهدوء يهدد بالانفجار، وليس هدوءاً يعتمد على حل، وسنرى قريباً أن هذا ليس هو الحل، عندما يقدم الرئيس ترامب خطته. تفاصيل الخطة غير معروفة تماماً، لكنني أعتقد أنها ستشمل دولة فلسطينية، وهذا يكفي».
ومع أن ما أوردناه ليس سوى مقتطفات من حديث روبنشتاين، إلا أن أي متفهم للسياسة «الإسرائيلية»، يلمس بوضوح، أن ما طرحه لا يختلف كثيراً عن السياسات التي ينتهجها اليمين «الإسرائيلي» المتطرف، الذي ينكر حق الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم في إطار القانون الدولي، ولا سيما القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والتي تعتبر إقامتها أحد الأهداف المرجوة لعملية التسوية، واتفاقيات أوسلو التي وافقت عليها «إسرائيل» وبالتالي فإن السؤال الممكن لروبنشتاين العاتب على الفلسطينيين، في انهيار اليسار «الإسرائيلي»، وفشل عملية التسوية، هو ماذا يريد محبو السلام وعشاق الأمن في «إسرائيل» من أمثال روبنشتاين وغيره، بعد أن وافقوا على عشرين في المئة من مساحة وطنهم السليب، وهل يطلب منهم ماهو أكثر من ذلك؟ ناهيك عن أن قرار حق العودة الذي رأى فيه روبنشتاين عقدة في الحل، هو قرار أممي استند إلى ميثاق الأمم المتحدة، بل وربط بين قبول «إسرائيل»في عضوية الأمم المتحدة وتنفيذ القرار.
أخيراً، لابد من القول إن يمين «إسرائيل» يلتقي مع يسارها، عندما يتعلق الأمر بالعداء للفلسطينيين، ورفض الاعتراف بحقوقهم المشروعة، وما يشاع عن خلافات وتناقضات بين الجانبين، ليس إلا مسرحيات وتبادل أدوار واضحاً لكل ذي بصيرة وعقل.
فالمحتل هو المحتل أياً كان الثوب الذي يرتديه، والشعارات التي يسوقها.
وإذا كان العلمانيون واليساريون في «إسرائيل» يختلفون حقاً مع اليمين المتطرف، فأفضل الطرق لترجمة مزاعمهم هو القبول بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني على أضعف الإيمان، إن لم نقل الرحيل عن فلسطين المحتلة، والعودة إلى بلادهم التي جاؤوا منها، وما عدا ذلك فإن اليمين واليسار «الإسرائيليين» في سلة واحدة، ويعملان لاستمرار الاحتلال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"