رؤية زايد

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

في ال ١٩ من رمضان، قبل ١٩ عاماً رحل مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رجل وضع أسساً ورسم خطّاً واضحاً للدولة، وصل بالإمارات إلى ما هي عليه اليوم، بفضل الحكمة التي تحلّى بها هذا القائد، وحرص كل القادة والحكام على الحفاظ على نفس النهج والاستمرار في بناء الدولة وتطويرها، لتبقى دائماً في المقدمة؛ ولعل أكثر ما يستوقفنا في حكمة الشيخ زايد هو حرصه على التعليم، وجعله إلزامياً وحقاً لكل المواطنين منذ تأسيس الدولة عام ١٩٧١.
هذا الحرص على نشر التعليم وجعله إلزامياً، أي إلزام أولياء الأمور بتعليم كل أبنائهم دون تمييز، وهو ما أثمر اليوم عن كل هذا التقدم الذي نراه لدى أبناء الإمارات وتفوقهم وتفوقهن في مجالات عدة، ووصول الطموح إلى حد الفضاء، حيث استطاعت الإمارات أن تكون أول دولة عربية ترسل مكوكاً إلى الفضاء، وأول دولة عربية تطلق برنامجاً متخصصاً لإعداد وتدريب رواد الفضاء، وبفضله تم إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، ليشارك في رحلات الاستكشاف العلمية، وها هو سلطان النيادي يدخل وباسم وطنه وبكل فخر، التاريخ كأوّل رائد فضاء عربي يقوم بمهمة السير خارج محطة الفضاء الدولية، وهو في نظرنا يحلّق بما حققته الإمارات عالياً جداً لتضيف إلى قائمة إنجازاتها إنجازاً علمياً مهمّاً.
بفضل بُعد نظر الشيخ زايد وحكمته ورؤيته الثاقبة لأهمية العلم، وهو القائل «إن رصيد أي أمّة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون، وأن تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره»، قفزت الدولة بأبنائها ومجتمعها قفزات عالية نحو المستقبل، وحققت ما عجزت دول عربية كثيرة عن تحقيقه، وهنا لا نتحدث فقط عن التطور العمراني والاستقرار الأمني؛ بل أيضاً الانفتاح على العالم الذي لم يكن ليتحقق بهذا الشكل وتصبح الإمارات الوجهة الأولى للسائح الأجنبي، لولا انفتاح أبناء الإمارات وإقبالهم على العلم، الذي يعتبر السلاح الأول والأهم، كي يتمكن المرء من مواجهة العالم بتعدد لغاته وجنسياته وتقاليده وعاداته، والتواصل معه بشكل سليم ومباشر، والاستفادة من خبرات الآخرين ومن التطور العلمي والتكنولوجي.
أين أصبحت الإمارات إذا تحدثنا عن التقنيات والذكاء الاصطناعي؟ أين وصل أبناء وبنات الإمارات بفضل إصدار الحكومة القانون الاتحادي رقم ١١ لعام ١٩٧٢ بشأن إلزامية التعليم، التعليم الذي لم يتوقف عند حدود المتوفر في الداخل؛ بل سافروا وسافرن إلى الخارج لتحصيل المزيد من العلم وفي مجالات متخصصة، ثم أصبحوا خير سفراء لبلدهم في كل مكان في العالم، على الأرض وفي الفضاء؟!.
رحم الله الشيخ زايد، الذي تحلّى بالرؤية الثاقبة، فكم كان حكيماً حين قال: «إن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة، ونحن نبني المستقبل على أساس علمي»، وقد وصلنا إلى وقت صار العلم فيه كل شيء ولا مستقبل بدونه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46rtc6rs

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"