«الزند».. حالة نضج

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

من يشاهد مسلسل «الزند - ذئب العاصي» تستوقفه الحالة التي يعيشها النجم تيّم حسن، والتي تجبر المشاهد على الانتباه لتحركات البطل، حالة تعني أن تيّم وصل إلى مرحلة متقدمة من النضج الفني؛ وتيّم لم يصل بعد إلى قمة التألق والتلقائية في الأداء، لكنه بدور عاصي الزند استطاع أن يميّز الشخصية فيبعدها عن شخصية جبل شيخ الجبل في «الهيبة». 
 بين عاصي وجبل تشابه، فكلاهما خارج عن القانون وهارب في الجبال، وكلاهما قائد لمتمردين مسلحين، يخطط لعمليات، ويقاتل ويقتل ويغامر ويضحّي.. مع فارق أن عاصي يعيش في زمن الاحتلال العثماني (ما بين 1895 و1900)، ويقرر الانتقام من الأتراك والموالين لهم بعد مقتل والده، وبسبب كل القهر والظلم الذي يمارسونه على أهالي القرى الواقعة على ضفاف النهر؛ لذا تصرف تيّم بذكاء فوضع لشخصية عاصي «لزمات» وحركات بدنية تجبره هو أولاً، على الابتعاد بشكل تام عن هيئة وتصرفات جبل، فيتمكن بالتالي الجمهور من الفصل بين هذا وذاك، أضف إلى ذلك اللكنة واللهجة التي يتحدث بها عاصي، وأهل تلك البلدات السورية في ذلك الوقت، والتي لا تشبه بأي شكل اللهجة السورية. 
 اللهجة في «الزند» ميزة وعيب، في آن، الميزة في الخروج عن المألوف وتقديم لهجة جديدة على الدراما خاصة بمناطق بعيدة؛ أما العيب فهو الأبرز، إذ في الحلقات الأولى كان من الصعب جداً أن يفهم المشاهد معظم ما يقوله الممثلون، خصوصاً عاصي الذئب، وأهل قريته، ما جعل الوصول إلى فهم الأحداث والاستمتاع بالحوار عسيراً، لذلك هناك من لم يصبر فأعرض عن متابعة المسلسل بعد حلقتين أو ثلاث، وهناك من صبر ليتعود على اللهجة، والفضل للقصة التي كتبها عمر أبو سعدة، مشوّقة ومحبوكة بإتقان. وصعوبة اللهجة لا شك أضعفت الحوار فكنّا كمن يشاهد فيلماً أجنبياً لا يجيد لغته، ولم تتوفر ترجمة له.
عمر أبو سعدة كتب بواقعية أكثر من اعتماده على الخيال، فلم يجعل من عاصي بطلاً خارقاً مثالياً، بل رأيناه أنانياً، لاسيما في مشهد الاستيلاء على المؤونة التي نقلها العثمانيون فتقاسم المال مع رجاله، ورفض توزيعه على أهل القرية، كما قال اقترح أحدهم، بحجة أنه لا يستحق المال إلا من يقاتل بزنده لا الراضخ لحكم العثمانيين وبطشهم؛ بطلاً لا يكون دائماً على حق.
سامر البرقاوي، مخرج «الهيبة» يقترب، مثل المؤلف، من الواقع بالتصوير في حقول وأماكن وعرة، وجبال، وقرى.. واختياره للممثلين موفق، كل في مكانه الصحيح، ما جعل كثيرين يتألقون، وليس تيّم فقط، مثل دانا مارديني، وفايز قزق، وأنس طيار،ة ورهام القصار، وكرم شنان، وغيرهم. 
ليست المرة الأولى التي نرى فيها البطش العثماني بالفلاحين والتمرد، لكن المسلسل نجح، رغم كم الدماء ومشاهد القتل المبالغ فيها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fadws2d

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"