لا يملون ولا يتراجعون

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

نحاول كل عام أن نتجاهل الحديث عنهم، ونحاول أن نتفاءل بأن رمضان هذا العام لن يشهد نفس الظاهرة باعتبار أنهم قد يخجلون وقد يرتدعون وقد يبحثون عن مصدر رزق «حلال» يجنون منه الأموال بتعب وعرق وجهد.. لكنهم يخيبون ظنوننا كل عام، ويعدون عدتهم لاستقبال رمضان ومواكبة ليالي الشهر الفضيل بالتسول، واستغلال مشاعر الناس، ورغبتهم في التبرع والتصدق والمساعدة في هذا الشهر تحديداً.
المتسولون لا يملون ولا يتراجعون، مهما شددت دورياتها الأجهزة الشرطية، ومهما حذرت الناس من التعاون معهم ومساعدتهم، يخرجون من جحورهم، متخذين أشكالاً متنوعة، ومستخدمين أساليب لإيهامنا بأنهم لولا المرض ولولا الحاجة لما تسولوا! ولعل المتسول الذي تمكنت إدارة مكافحة المتسللين في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي من ضبطه، هو نموذج لوسائل الخداع التي نتعرض لها في الشوارع، رجل يَدّعي الإعاقة يجلس على كرسي متحرك، ويبدو بقدم واحدة، يخدعنا هذا المنظر فنصدقه ونتصدق، لكن الشرطة راقبته ورصدت تحركاته، فاكتشفت أنه كاذب، ليس مبتور القدم، وقد تمكن من جمع نحو 3 آلاف درهم، فكان من الطبيعي أن يتم اقتياده إلى مركز قيادة الشرطة وتسليمه إلى الأجهزة المختصة.
لولا كثافة الدوريات التي تقوم بها الشرطة في كافة المناطق وفي الأحياء، لما تراجعت أعداد هؤلاء المتسولين الذين ينظرون إلى الناس نظرة التوسل أولاً، وإذا لم نستجب لطلبهم تنقلب إلى نظرة وقاحة وحقد؛ لذا من الضروري عدم مساعدتهم، كي لا نشجعهم على التواجد باستمرار في الشوارع، وحتى لا يطمعوا بكرمنا وحبنا للعطاء، بينما واجبنا يكمن في مساعدة الشرطة، للتخلص منهم والحد من طمعهم وكسلهم، واستغلالهم للناس. 
المتسولون عموماً فئة تدعي الحاجة، تمثل لتخدع الناس، وتستغل طيبتهم وحبهم، للمساعدة وللعطاء، فتلعب على مشاعرهم بادعاء المرض والتشوهات.. وهم في الحقيقة يجنون أموالاً تفيض عن حاجتهم، ويشكلون عصابات ويستغلون الأطفال بلا رأفة ولا شفقة؛ ما يفعلونه في شهر رمضان هو وسيلة من وسائل استغلال الدين، التي تستطيع أن تؤثر في بعض الناس، فيتفاعلون إيجاباً مع المتسوّلين، ويشجعونهم عن غير قصد على مواصلة تسوّلهم، بينما المحتاج الحقيقي إلى المال ولقمة العيش، تجده متعففاً يخجل من السؤال، ومن طلب العون، ويسعى إلى العمل وكسب الرزق بالطرق المشروعة.
كل ما تفعله الإمارات وكل المساعدات المتوفرة والجهات والهيئات والجمعيات الخيرية التي يمكن لأي إنسان طرق بابها لطلب المساعدة المالية أو للحصول على طعام، وحتى المساعدات الأخرى مثل الاستشفاء والطبابة.. كل ذلك الدعم المتوفر والسرية في تلبية النداء والمحافظة على خصوصية السائلين، يدفعنا إلى التصدي بجرأة لكل المتسولين، والإبلاغ عنهم بلا تردد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yjcht7vc

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"