خطوة في شهر

00:42 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

احتاج الأمر إلى شهر لوصول الفريقين المتحاربين في السودان إلى نقطة تلاق يؤمل أن تسمح، وفق اتفاق جدة، بتمكين إيصال الإمدادات الإغاثية والمساعدات الإنسانية، ما يمهد الطريق لإنهاء الأزمة وتجنيب الشعب السوداني الشقيق المزيد من المعاناة.

في هذا الشهر، كانت آلة الاقتتال الجهنمية في السودان أسرع من أي صوت للحكمة، والتهمت خلاله من بشره وخيراته ما يحتاج إلى وقت طويل لتعويضه.

والمقارنة بين التباطؤ في الاتفاق والمسارعة إلى تدمير حاضر السودانيين ومستقبلهم، لا تعني أبداً التقليل من قيمة فتح ثغرة في جبهة الصراع تسمح بالعودة إلى العقل، وإن كان مراقبون للأمر يرون أن الأمر يحتاج إلى جهد كبير وزمن طويل للاتفاق. مرة أخرى، هي نقطة إيجابية لقيت ترحيباً من المنشغلين بأمر السودان من منطلق التزام الطرفين بحماية المدنيين في السودان بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان لتسهيل العمل الإغاثي وتلبية الاحتياجات الطارئة للمدنيين.

وهذا الهدف المأمول، أي غوث المدنيين، هو محور بيان وزارة الخارجية والتعاون الدولي الذي أثنى على الجهود التي قامت بها المملكة العربية السعودية الشقيقة والولايات المتحدة الصديقة للتوقيع على هذا الاتفاق.

البيان تمسك بأمل أن تسهم هذه الخطوة في تيسير وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية للمناطق المتضررة، خصوصاً للفئات الأكثر احتياجاً من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، والوقف الدائم لإطلاق النار بما يحقق تطلعات الشعب السوداني الشقيق في الأمن والاستقرار والازدهار.

وعند هذه النقطة تتجلى من جديد قيمة الاتفاق، من حيث المبدأ، رغم عدم كفايته ولا تأثيره في الاشتباكات التي لا تزال متواصلة، ما يعني أن إغاثة المتضررين ستواجه عقبات تتطلب ضغطاً متواصلاً من الأطراف المعنية على الفريقين المتحاربين لتسهيلها وفتح ممراتها.

من المنتظر، وفقاً لمصادر سعودية، أن تشهد جدة، اليوم الأحد، جولة ثانية من التفاوض تركز على كيفية تنفيذ خطط إيصال المساعدات الإنسانية وسحب القوات من المناطق المدنية، بناء على الاتفاق، والاستقرار على ضمانات فتح ممرات آمنة وإزالة القوات من المناطق المدنية.

لعل الجولة الثانية تخلص إلى ما هو أهم من الإطار النظري الساتر لعورات التورط في هذه الحرب، أي المسارعة إلى خطوات فعلية جادة توقفها وتلجم أرقامها الموجعة التي لا يمكن اختزالها في نزوح أكثر من 700 ألف شخص داخل السودان منذ اندلاع المعارك في 15 إبريل/ نيسان الماضي والتي أدت إلى مقتل أكثر من 750 شخصاً وجرح 5000 آخرين، وفق منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.

ولا يمكن غض الطرف أيضاً عن آلاف اللاجئين إلى دول مجاورة في رحلات يحفّها الخطر من كل صوب، لكنه لا يقارن بالخطر المحدق بمن أبقاه العجز عن المغادرة رهين الاشتباكات، وينتظر، إن لم يدركه الموت، أن تصل إليه يد الغوث بأدوية وطعام.

أما الأمن والثقة في المستقبل، فليس بوسع أحد أن يضمنهما للسودانيين غير السودانيين.

 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8z2vjy

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"