تونس تتغير بالاقتراع

04:14 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

بقطع النظر عمن يفوز في الجولة للأولى من سباق الرئاسية التونسية، فإن نتائجها ستنعكس حتماً على الانتخابات التشريعية التي تجري في السادس من الشهر المقبل لاختيار نواب جدد في مشهد سياسي متقلب ويوحي بانقلاب في الموازين، أو على الأقل لن يسمح لمن سادوا طيلة السنوات الخمس المنقضية بالاحتفاظ بذات القوة والحضور.
في غضون الأربعين يوماً المقبلة سيعرف التونسيون رئيسهم الجديد وينتخبون ثاني برلمان منذ بدء العمل بالدستور الحالي، مع الإشارة إلى أن موسم انتخابات هذا العام يختلف جذرياً عن انتخابات 2014، إذ جاء الاقتراع التشريعي قبل الانتخابات الرئاسية. وحينها لعب فوز حركة «نداء تونس» بالكتلة الأكبر دوراً في فوز مؤسسها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، إذ لعب المزاج العام آنذاك على ضرورة اختيار رئيس له قوة برلمانية كبيرة على اعتقاد أن ذلك سيعزز من قدرته على تنفيذ وعوده. هذه المرة الصورة عكسية تماماً، إذ تسبق الجولة الأولى للاقتراع الرئاسي الانتخابات التشريعية، وعلى ضوء الفائز بالمرتبة الأولى ومرجعيته سيتحدد شكل البرلمان الجديد. وأغلب الظن أن عبور مرشحيْن رئاسيين للجولة الثانية ممن ينتمون إلى أحزاب، سيمكن ذلك أحزابهم من بعض المكاسب، ربما لقناعة الناخبين بما يسمعون من وعود، أو نتيجة ميل فطري إلى من تميل إليه كفة السلطة.
قد يكون هذا الأمر يتطابق مع وضع زعماء الأحزاب، الكبرى منها على الخصوص، ولكن إذا أفرزت الانتخابات الرئاسية فوز مرشحين مستقلين، فإن ذلك سينعكس سلباً على الانتخابات التشريعية، ولن يكون مستبعداً أن يفوز في نهاية المطاف مستقل برئاسة قرطاج مثل وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي أو غيره، وفي هذه الحالة فإن الأحزاب الكبرى ستصاب بانتكاسة كبيرة لصالح المستقلين والأحزاب الصغرى، فحزب مثل «النهصة» الإسلامية لم يعد بنفس قوته وحضوره كما كان الحال في انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011، أو برلمان 2014، بعدما بدأ يفقد جاذبيته وانكشفت سياساته. أما الأحزاب اليسارية فستظل تعاني كما السابق، ولن يكون لها حظ كبير في المناسبتين الرئاسية والتشريعية، في حين ستظل الأحزاب ذات المرجعية «البورقيبية» حاضرة بتفاوت، وستعزز في البرلمان المقبل إذا ما كان الرئيس ينتمي إلى هذه المدرسة أصالة.
لا يحجب الابتهاج بالتجربة الديمقراطية التونسية واقعاً من الإحباط الاجتماعي نتيجة عدم اهتداء الحكومات السابقة إلى مقاربة ناجعة تنهض بالاقتصاد وتقاوم البطالة وترمم النظام التعليمي وتقضي على الفساد والتهريب. وهذه العوامل مجتمعة ستكون حاسمة في الموسم الانتخابي وبسببها ستدفع بعض الأحزاب والشخصيات الثمن، وفي أحسن الحالات ستفقد الكثير من رصيدها ومصداقيتها. ولذلك فإن المحطات الانتخابية ستكون مختلفة عن سابقاتها بحكم صندوق الاقتراع، وربما تحمل مفاجآت غير متوقعة أصلاً، مما يسهم في تشكيل مشهد سياسي جديد ويطلق رسمياً عهد الجمهورية الثانية بعد مرحلة انتقال دامت ثماني سنوات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"