ما بعد الهجوم المضاد

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

يسعى الغرب إلى تزويد الجيش الأوكراني بذخائر اليورانيوم المنضب، بينما ينشر الروس أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، ويستعدون إلى مواجهة ذخائر اليورانيوم الغربية بالمثل، فيما يستمر الرهان على نجاح الهجوم الأوكراني المضاد في إجبار موسكو على التفاوض.

 ينقسم المحللون حول جدوى الهجوم الأوكراني في الأصل، تماماً كما ينقسمون حول مسؤولية موسكو أو كييف عن كارثة نهر الدنيبر، وتدمير سد كاخوفكا الاستراتيجي استناداً إلى أن لكل طرف أسبابه، ومن يستفيد أكثر من تدمير السد، وإن كانوا يتفقون على أن تدميره شكل كارثة بيئية لا محالة. يعلم الجميع أن الهجوم الأوكراني المضاد كان يجري التخطيط والإعداد له منذ أشهر طويلة، وأنه بدأ بعد أن اكتمل تجهيزه بكل أدواته اللازمة، وإمداده بأحدث الأسلحة الغربية، باستثناء طائرات «إف 16» الأمريكية التي قد تتأخر بعض الوقت، ريثما يتم تدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدامها. 

 لكن الوقائع في الميدان تشير إلى تناثر حطام هذه الأسلحة من دبابات «ليوبارد» الألمانية و«برادلي» الأمريكية وغيرها من قطع مدفعية ومنظومات دفاع جوي على أرض المعركة، وبعضها وقع في قبضة الجيش الروسي. والأسوأ أنه بدأ التفكير بتزويد أوكرانيا بذخائر مزودة باليورانيوم المنضب، وبالتالي فإن الروس الذين يتعاملون مع الخطط الغربية خطوة بخطوة، يؤكدون أنهم سيستخدمون ذخائر اليورانيوم المنضب بالمقابل، لكن الفارق الوحيد هو أن كل هذه الذخائر سيجري استخدامها على الأراضي الأوكرانية. 

 بهذا المعنى فإن كل الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد؛ إذ على الرغم من مجزرة الدبابات الأحدث في العالم، والخسائر التي وصفت بأنها كارثية للجيش الأوكراني، فإن الغرب يصر على تعويض هذه الخسائر، وإرسال المزيد من الأسلحة، لمواصلة حربه مع الروس حتى آخر أوكراني، فيما تعتقد كييف أن سيطرتها على بعض القرى الهامشية، والتي ليس لها أهمية استراتيجية، يشجعها في المضي قدماً على أمل أن تستعيد كل أراضيها الواقعة تحت السيطرة الروسية. 

 يرى المراقبون، لا بل حتى «البنتاغون»، أن هذه الآمال غير واقعية، ومع ذلك يتم دفع أوكرانيا دفعاً إلى ساحة القتال، لاعتبارات كثيرة وتحت ضغط كُلفة الأسلحة الباهظة التي يتم تقديمها؛ بهدف تحقيق شيء ما. من الطبيعي أن تكون هناك خسائر في الجانب الروسي، وإن كانت لا تقارن، بحسب التقارير، مع تلك التي يتكبدها الجيش الأوكراني، إلا أنه يصعب تقبل فكرة وقف الهجوم المضاد؛ لأن ذلك يعني هزيمة للجيش الأوكراني وداعميه الغربيين. 

 على الجانب الآخر، يدرك الروس، أن الهجوم الأوكراني لا يمتلك أي فرصة للنجاح، ومع ذلك يبدون انفتاحاً لتقبل تسوية من نوع ما، ومن ضمنها فكرة إقامة منطقة عازلة، تمتد على طول الحدود الأوكرانية وصولاً إلى بولندا. لكن من الواضح أن فكرة التسوية لم تنضج بعد، فما يرتسم في خلفية هذه اللوحة الفسيفسائية، من نشر أسلحة نووية روسية في بيلاروسيا، وأخرى نووية أمريكية في بعض الدول الأوروبية، أن الصراع لم ينتهِ بعد، وأنه لا يزال محتدماً حول النظام العالمي الجديد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44cad4ka

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"