يونيو.. «الكابوس» والإنجاز

00:31 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمود حسونة

تثور الشعوب عندما يفيض بها الكيل، وتصل إلى حالة اليقين باللاجدوى من الصمت أو التسليم بالأمر الواقع، وفي مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات، كان الشعب المصري قد تملكه الأمل في انصلاح حال البلاد تحت حكم جماعة «الإخوان» التي اختطفت الدولة، واستحوذت على القرار، وعبثت بالدستور، وسعت لتفكيك مؤسسات دولة ممتدة الجذور في أعماق الزمن، ومارست القهر والتسلط على إرادة شعب صنع حضارةً كانت وستظل شاغلة العلماء والباحثين، لتتحول خلال سنة من الحكم «الإخواني» إلى دولة بلا ملامح، هشة، ضعيفة، مأزومة، عاجزة، مؤسساتها معطلة، مدنها شاحبة، وشوارعها يتحكم فيها البلطجية، أهلها يفتقدون الأمن والأمان، وينتشر في ربوعها الخوف، بعد أن غابت الدولة وتعطل القانون. 

 في مثل هذا اليوم عام 2013 كانت جموع الشعب المصري قد بدأت بالتحرك؛ لانتشال البلاد من المستنقع الذي وقعت فيه. كانت لحظات استجماع الإرادة الشعبية ولمّ الشمل والوقوف صفاً واحداً في وجه الحكم الفاشي، وفي وجه ميليشيات مسلحة وعناصر متطرفة خرجت من السجون لتقتاد الدولة وتفرض سطوتها وإرادتها. 

ويوم 30 يونيو/حزيران خرج الشعب المصري بطوائفه وأطيافه إلى شوارع وميادين مدنه المختلفة ليصرخ صرخته المدوية «يسقط يسقط حكم المرشد»، وانحازت إلى إرادته القوات المسلحة، ليكتب الشعب والجيش معاً مشهد النهاية للكابوس الذي امتدّ في عمر الزمن عاماً، ولكن في انعكاساته على حياة الناس ومكانة مصر، فقد جرّها قروناً إلى الوراء. 

30 يونيو، يوم فاصل، ولدت فيه مصر من جديد، واستردّ فيه الشعب وطنه المخطوف، وأنهى زمن الطغيان باسم الدين. ومثلما كان هذا اليوم يوم فرح وبهجة لأغلبية المصريين، كان يوم حزن وبؤس للقلة الضالة من المنتمين للجماعة الإرهابية وللمتآمرين على الدولة من الداخل والخارج، متوهمين القدرة على استعادة الحكم، وتنفيذ مخططهم الخسيس بلغة التخويف، وهو ما فرض على الدولة المصرية خوض أشرس المعارك ضد الإرهاب. 

ومنذ انطلاقتها وعدت القيادة المصرية باقتلاع الإرهاب من جذوره، وخلالها تضافرت جهود الأجهزة الأمنية وأفرع القوات المسلحة لمطاردة الإرهابيين في كل مكان على امتداد الأرض المصرية، حتى حاصرته واقتلعته من جذوره، بعد أن ضحّى خيرة رجال الجيش والشرطة بأرواحهم فداءً للوطن وحماية للمستقبل. 

 وبعد إحباط مخططاتها التخريبية، لم تعد لهذه الجماعات وسيلة لنشر الشك بين المصريين سوى ذبابها الإلكتروني الرابض خلف أجهزة التواصل الاجتماعي لينشر سمومه بين المصريين، مستغلاً الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على العالم كله، محاولاً نشر الخوف بين الناس من المستقبل، مستخدماً في ذلك كل أسلحة الكذب والافتراء وقلب الحقائق ومحاولة تحريض المصريين على بعضهم، وهي محاولات لا تنطلي على شعب واعٍ، يدرك حجم الإنجازات التي تتحقق على الأرض. 

أن مصر اليوم تختلف شكلاً ومضموناً عن مصر الأمس، وأن زمن العشوائيات قد ولى من غير رجعة، وأن العاصمة الإدارية الجديدة التي يشككون في جدواها ليل نهار كانت حلماً منذ عقود وأصبحت واقعاً، وأنها ستُسهم مع المدن الجديدة في تغيير صورة مصر عالمياً، وأن الطرق والجسور يسّرت على المصريين حياتهم، وأصبحت مصدر فخر لهم. 

 كلما ازداد حجم الإنجازات استشاطت بقايا الجماعة الإرهابية حقداً على مصر، وتشكيكاً في إنجازاتها، وتجاوزاً في حق قيادتها على مواقع التواصل، ويونيو بالنسبة لهم هو موسم الغضب الأكبر والتشكيك الأعظم؛ لأنه سيظل كابوساً يطاردهم. 

 نباح الإرهابيين لن يوقف مسيرة البناء، ولن يعطل إرادة الإنجاز، ولن يُعيق خطط التنمية، ولن يقسّم الشعب، ولن يوقف الزمن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/244kn4x2

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"