«طريق الحُجاج»

01:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

مشاركة السفير الأمريكي في «إسرائيل» ديفيد فريدمان، ومبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط جيسون جرينبلات في حفل افتتاح ما سُمي ب«طريق الحُجاج» في بلدة سلوان الفلسطينية المحتلة؛ يثبت أن الولايات المتحدة ليست داعمة ل«إسرائيل» فقط، وإنما شريكة معها في محاولات سرقة التاريخ الفلسطيني، وتزوير الحقائق التاريخية الراسخة؛ فمشاركة فريدمان وجرينبلات في حفل الافتتاح المذكور؛ يؤكد دعم الإدارة الأمريكية اليمينية لهذه الخطوة «الإسرائيلية»، التي تضاف إلى المواقف «الإسرائيلية» المتنكرة لحقوق الشعب الفلسطيني، على مدى عشرات السنين، ومحاولات «إسرائيل» المستمرة؛ لتهويد القدس، وطمس معالمها العربية والإسلامية، بغطاء روايتها الدينية المختلقة؛ رغم الرفض الدولي الواضح لسياسات الاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني عامة، وضد القدس ومقدساتها ومواطنيها خاصة.
ولكي نتفهم مغزى الخطوة «الإسرائيلية»، لابد من إلقاء الضوء على ما تسميه «إسرائيل» ب«طريق الحُجاج».. فما هذا الطريق، وأين يقع؟
«طريق الحجاج» الذي تم افتتاحه ليصل مع حائط البراق، كان يعد طريقاً رئيسياً؛ للوصول إلى المسجد الأقصى، وممراً يؤدي إلى مسجد عين سلوان وإلى المركزين الصحي والثقافي للبلدة المذكورة.
المشروع يهدف إلى توسعة الاستيطان، الذي بدأ فعلياً في عام 2010؛ عندما وقع عليه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتانياهو، إلا أن التخطيط له كان منذ عام 2005؛ ويهدف إلى شق طريق إلى الهيكل المزعوم.
وتركت عمليات حفره تحت منازل المواطنين الفلسطينيين في سلوان، آثارها السلبية الكبيرة، التي ظهرت على شكل تشققات في جدران العديد من المنازل الفلسطينية، التي بات بعضها مهدداً بالانهيار، كما شملت الأضرار ساحة مسجد عين سلوان، الذي تشقق ثلاث مرات.
والحقيقة التي لابد من الإشارة إليها هنا؛ هي أن سلطات الاحتلال تسعى من خلال مثل هذه المشاريع إلى فرض الرواية «الإسرائيلية» الملفقة حول تاريخ فلسطين؛ حيث يؤكد الكثير من الباحثين والمهتمين بالتاريخ، أن ما تسميه «إسرائيل» ب«طريق الحجاج» ليس إلا قناة مائية، وأن ما يجري هو جزء من محاولات الاحتلال لتزوير التاريخ، وفرض سيادته على الأرض بالقوة، كما يشير إلى ذلك الخبير في شؤون القدس جمال عمرو، الذي يوضح أن هذه الأرض، التي افتتحتها سلطات الاحتلال، كنعانية موجودة قبل وجود «إسرائيل» بأربعة آلاف عام.
وبحسب تقرير «المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ضد الاستيطان»، فإن النفق جزء من خطة؛ تهدف إلى تعزيز الوجود الاستيطاني في «حوض البلدة القديمة» في القدس؛ من خلال التطوير السياحي، والحفريات الأثرية في سلوان والبلدة القديمة.
ورأت الخارجية الفلسطينية، أن سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» تجد في وجود فريدمان وجرينبلات شاهدين جاهزين دائماً؛ لتزوير التاريخ وقلب الحقائق، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال تحاول تسويق وتبييض احتلالها وتهويدها للقدس المحتلة ومعالمها التاريخية.
وبغض النظر عن المواقف الدولية، الرافضة لهذه الممارسات «الإسرائيلية»، فإن ما يجب التذكير به هنا؛ هو أن هيمنة الخرافة الدينية قد رسخت الرواية التوراتية القائمة على مجرد تخيلات وتزوير فاضح. وأنه رغم سقوط الرواية التوراتية في الوسط الأكاديمي، فإنها مع الأسف لا تزال مهيمنة في الوسط الديني والشعبي في «إسرائيل»، علماً بأن أديان بلاد ما بين النهرين شكلت منهلاً اقتبس منه الحاخامات اليهود ما يرد في توراتهم، وبشكل ممسوخ.
كما تجدر الإشارة أيضاً عند تناول موضوع المشاركة الأمريكية في احتفال تدشين ما سُمي ب«طريق الحجاج» تبين مدى التشابه، الذي يرقى إلى التطابق بين التاريخين الأمريكي و«الإسرائيلي»؛ من حيث إقامة «الدولتين» على أنقاض شعبين كانا في أرضيهما التاريخيتين، فكما أقيمت الولايات المتحدة، على أنقاض تاريخ وحضارة الهنود الحمر في أمريكا، أقيمت «إسرائيل» على أنقاض الوطن والشعب الفلسطينيين.
ولذلك لا غرابة أبداً في مشاركة الإدارة الأمريكية اليمينية، في احتفالات «إسرائيل» ومخططاتها العنصرية، طالما أن الطرفين، يحملان الفلسفة ذاتها؛ القائمة على العدوان، وتزييف التاريخ بواسطة القوة الغاشمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"