عادي

لا لليأس

23:40 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د. مايا الهواري

يُعرّف اليأس بأنّه شعور يصيب الإنسان بالإحباط البعيد عن الأمل، ممّا يؤدّي إلى جلب مشاعر الاكتئاب، فاليأس سبيل للهلاك، وينبغي للإنسان أن يبتعد عنه قدر المستطاع، ويستبدل به المشاعرَ الإيجابيّة، وإنّ الحِكَم والأقوال عن اليأس كثيرة ومتنوّعة منذ الأزل، فمثلاً: لا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة، وبالتّالي هذه دعوة لردّ أيّة فكرة من شأنها أن تقود الإنسان للحزن وفقدان التّفاؤل؛ لأنّ اليأس من شأنه أن يصنع غشاوة على العين فلا ترى الجمال أبداً، وأكبر دليل على ذلك أنّ اليأس ليس حلاًّ لهذه المشاكل، ذلك أنّ أحوال النّاس في تغيّر مستمرّ؛ إذ تتبدّل أوضاعهم من الغنى للفقر، ومن المرض للصحّة، ومن الاتّهام للبراءة، وعكس ذاك صحيح، فاليأس يقتل كلّ داخل الإنسان بما فيه من مواهب وحيويّة وتفاؤل وأمل، فهو من عمل الشيطان ووسوسته، وفي قصة سيدنا يوسف يقول الله تعالى: «يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون».

هذا هو كلام ربّ العالمين، وهو في غاية الرّوعة؛ إذ يخبر سيدنا يعقوب أبناءَه عن أخوَيهم، وأنّه فقد أخاهم يوسف أوّلاً منذ سنوات، ثمّ تكرّر ذلك مع الولد الثّاني، إذ ذهب وتكرّر نفس الموضوع، ممّا استدعى حزن الأب وابيضّت عيناه من شدّة الحزن على فراق يوسف وأخيه (وهو كظيم)، لكنه لم ييأس، فعندما تضيق الأحوال بالإنسان لا بدّ له أن يفرّ من الله ليلجأ إليه، فلا يأس بقربه تعالى (ولا تيأسوا من روح الله)، فنحن كبشر يجب أن نعلم مكاننا من هذا الكلام، وهل نسمح لليأس أن يدخل القلوب أو يسكنها، أو أن يسيطر على العقول، ويجده الإنسان أمامه دون أن يرى أيّة إيجابيّة أو تفاؤل؟! وأيّ شخص يتحدّث عن هذا الموضوع أمامه نجده يقطع الحديث ويتّهم الطّريق بأنّه مسدود، ولا سبيل للخلاص، واصفاً نفسه بالشّخص البائس اليائس. فمن الحماقة أن يسيطر اليأس على الفرد وهو يعلم مسبقاً أنّ كلّ ما يحصل له مكتوب في السّماء، فلماذا يفتح مجالاً لهذه المشاعر السّلبيّة باختراق عقله؟ بل عليه أن يكون واثقاً مؤمناً متيقّناً أنّه عبد شكور لله، وسيخرجه الله من مأزقه أو مشكلاته أو حزنه؛ لأنّ الشّعور باليأس هو سبب الصّعوبات الّتي تعترض طريقه نحو النّجاح، فدوام الحال من المحال، ومستحيل أن يدوم اليأس ما دام في السّماء ربّ عظيم يقول «إنّ مع العسر يسراً»، فالفرج آتٍٍ لا محالة، فلا تيأس أيّها الإنسان وفي السّماء ربّ قادر على جعل الحزن فرحاً، واجعل التّفاؤل منارة تنير دربك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/53fhtmxa

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"