عادي

خلال تمردها.. «فاغنر» اقتربت من الحصول على أسلحة نووية روسية

23:59 مساء
قراءة 5 دقائق

رويترز

مع زحف قوات «فاغنر» الروسية الخاصة خلال تمردها باتجاه موسكو في 24 يونيو /حزيران الماضي، تحولت مجموعة من المركبات العسكرية باتجاه الشرق على طريق سريع في اتجاه قاعدة عسكرية روسية محصنة بها أسلحة نووية، بحسب مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت ومقابلات مع السكان المحليين.

وبمجرد وصول مقاتلي «فاغنر» إلى تلك المناطق الريفية، بات مسار المراقبة بارداً - على بعد نحو 100 كيلومتر من القاعدة النووية، فورونيج 45.حيث لم يتم معرفة على وجه التحديد ماذا جرى بعد ذلك. لكن مسؤولين غربيين أكدوا مراراً، إن مخزون روسيا من الأسلحة النووية لم يكن في خطر أبداً خلال التمرد الذي انتهى سريعاً وبشكل غامض في وقت لاحق من ذلك اليوم.

من جهته، قال رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، إن مقاتلي «فاغنر» ذهبوا إلى أبعد من ذلك بكثير. وأكد أنهم وصلوا إلى القاعدة النووية، وأن نيتهم كانت الحصول على أجهزة نووية صغيرة تعود إلى الحقبة السوفييتية من أجل «زيادة المخاطر» في تمردهم. وقال بودانوف: «لأنك إذا كنت مستعداً للقتال حتى آخر رجل واقف، فهذه إحدى المنشآت التي تزيد المخاطر بشكل كبير».

وقال بودانوف، إن العائق الوحيد بين مقاتلي «فاغنر» والأسلحة النووية كان أبواب منشأة التخزين النووية. وقال: «تم إغلاق أبواب المخزن، ولم يدخلوا القسم الفني».

ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان مقاتلو «فاغنر» وصلوا إلى فورونيج 45 بشكل أكيد. كما لم يقدم بودانوف دليلاً على تأكيده، ورفض الإفصاح عن المحادثات، التي جرت مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين حول الحادث.

وأكد مصدر مقرب من الكرملين، أجزاء من رواية بودانوف. وقال هذا الشخص إن كتيبة فاغنر «تمكنت من الدخول إلى منطقة ذات أهمية خاصة، ونتيجة لذلك غضب الأمريكيون بسبب تخزين الذخائر النووية هناك».

وقال مصدر على علم بالحادثة في شرق أوكرانيا المسيطر عليها من قبل روسيا، إن هذا الحادث أثار قلق الكرملين، وقدم زخماً لإنهاء التمرد سريعاً مساء 24 يونيو/ حزيران، بوساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.

وشكك مسؤولون أمريكيون في هذه الرواية. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت قوات فاغنر وصلت إلى القاعدة وسعت إلى الحصول على أسلحة نووية، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، آدم هودج،: «لم نتمكن من تأكيد هذا التقرير. لم يكن لدينا أي مؤشر في أي وقت على وجود أسلحة نووية. كانت المواد في خطر».

وقال مات كوردا، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، إنه سيكون من المستحيل عملياً على جهة فاعلة غير حكومية خرق الأمن النووي الروسي. وقال، إنه ربما كان لدى فاغنر آلاف من القوات تحت تصرفها، لكن من غير المرجح أن يكون أي منهم يعرف كيف يفجر قنبلة.

وقال:«إذا كان لديك شخص خبيث تمكن من وضع أيديهم على سلاح نووي، فسيجدون الأسلحة مخزنة في حالة تجميع غير مكتمل». وأضاف: «سيحتاجون إلى استكمالها من خلال تركيب معدات متخصصة، ثم فتح روابط الإجراءات المسموح بها، ومن أجل القيام بذلك، سيحتاجون إلى تعاون شخص من المديرية الثانية عشرة» المسؤول عن حماية الترسانة النووية الروسية.

وبودانوف هو أول مسؤول يشير إلى أن مقاتلي «فاغنر» اقتربوا من الحصول على أسلحة نووية وزيادة تصعيد التمرد المسلح الذي تم تفسيره على نطاق واسع على أنه التحدي الأكبر لسلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لطالما خشي المسؤولون الأمريكيون من احتمال الكابوس بأن الصراع في روسيا قد يؤدي إلى سقوط الأجهزة النووية في أيدي المتمردين.

وسار مسلحو «فاغنر» في اتجاه فورونيج 45، بعدما ابتعدت عن قافلة أكبر من الأسلحة الثقيلة كانت تتقدم على طول الطريق السريع M4 الذي يمتد شمالاً من روستوف، حيث بدأ التمرد. وتوجهت هذه المجموعة الأصغر شرقاً، واشتبكت مع القوات الروسية في معركة بالأسلحة النارية في أول قرية وصلت إليها، بحسب سكان ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن بعد ذلك يبدو أنها مرت دون عوائق لمسافة 90 كيلومتراً، بما في ذلك القيادة دون منازع في وسط بلدة تضم قاعدة عسكرية.

وتقدم المسلحون إلى بلدة تالوفايا على بعد نحو 100 كيلومتر من القاعدة التي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفييتية. وهي واحدة من 12 «منشأة تخزين على المستوى الوطني» في روسيا للأسلحة النووية، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة.

وفي تالوفايا، هاجمت القوات الروسية الرتل، بحسب سكان محليين، أسقطت مروحية روسية، ما أسفر عن مقتل طاقمها المكون من شخصين.

وأجرت رويترز مقابلة مع بودانوف في مكتبه في كييف، الذي استهدفته روسيا بضربات. وكان بودانوف، يرتدي الزي العسكري. وقال إن قاعدة فورونيج 45 تضم أجهزة نووية صغيرة يمكن حملها في حقيبة ظهر. وقال:«كانت هذه واحدة من مرافق التخزين الرئيسية لحقائب الظهر هذه»، دون تقديم دليل على هذا التأكيد.

وأوضح هانز كريستنسن، الذي يقود مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، ومقره في واشنطن، إن هذه القنابل النووية الصغيرة - خفيفة بما يكفي ليحملها شخص واحد - هي من بقايا الحرب الباردة. وتدربت القوات الأمريكية على القفز بالمظلات من الطائرات حاملين أسلحة نووية مربوطة بأجسادهم، وتم تدريب القوات السوفييتية على نشرها خلف خطوط العدو سيراً على الأقدام.

وحذر مسؤولون أمريكيون سابقون في مجال حظر الانتشار النووي من صعوبة معرفة ما إذا كان الروس أوفوا بوعدهم بتدمير أسلحتهم النووية التي تشبه حقائب الظهر. قال ديفيد جوناس، المستشار العام السابق لإدارة الأمن النووي القومي الأمريكية، التي تتعقب الأسلحة الذرية في العالم: «لا أعتقد أن الروس ما زالوا يمتلكونها، لكنني لن أراهن بحياتي عليها».

وأثارت إيمي وولف، المختصة في مجال الأسلحة النووية في مكتبة الكونجرس، شكوكاً حول فاعلية هذه الأسلحة إذا كانت لا تزال موجودة. وقالت: «من المحتمل أنه لا يزال هناك بعض البقايا القديمة عالقة خلال تخزينها في مكان ما. لكن هل تعمل؟ من المؤكد تقريباً لا».

ويتفق المستشار العام السابق لإدارة الأمن النووي القومي الأمريكية بشأن ذلك، مشيراً إلى أن مثل هذه الأسلحة المحمولة بحاجة إلى الصيانة والتحديث، وأنها تتحلل بمرور الوقت. وقال إن روسيا كافحت للحفاظ على قواتها التقليدية، ناهيك عن مخزونها الذري.

وتأسست «فاغنر» على يد يفيغيني بريغوجين، وهو ضابط سابق في المخابرات العسكرية الروسية. وبصفته جيشاًَ خاصاً، مكّن «فاغنر» روسيا من الانخراط في حروب في مناطق خارجية. ويتهم المسؤولون الأمريكيون بريغوجين بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.

وأعلن بريغوجين تمرده في 23 يونيو/ حزيران الماضي، عندما اتهم الجيش الروسي بشن هجوم صاروخي على معسكر للمجموعة في شرق أوكرانيا تسبب في مقتل الكثيرين، وهو ما نفته وزارة الدفاع الروسية.

وأكدت مصادر روسية، إن الصراع كان يختمر منذ أشهر، إذ اعتاد بريغوجين إهانة كبار رجال الجيش الروسي علانية، واتهامهم بالفساد، وحملهم مسؤولية الانتكاسات في حرب روسيا في أوكرانيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jw8jy7a

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"