عادي

الطّموح

23:20 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د.مايا الهواري

أنتَ طموح؟، أنتِ طموحة؟، اطمح أيّها الإنسان، اطمح في كلّ المحالات ولا تضيّق الدّنيا على نفسك، ولا تقل إنّك تريد شيئاً واحداً فقط، إذا حقّقته لن تسعى للحصول على آخر غيره، فالإنسان بطبيعته خُلق طموحاً، لديه طموح في حبّ الله، طموح في العمل، طموح في شراء سيّارة تخصّه، كما أنّ كلمات مثل أرجو، أطمح، أتمنّى، أرغب وأيّ دعاء يدعوه المرء يندرج تحت بند الطّموح، وأنّه يطمح للوصول إليه.

البعض يعلّل عدم تحقيقه لأحلامه بأنّه شخص طموح، ولكنّه لا يجد العمل المناسب له، وهذا أمر مرفوض، فجملة أنا طموح ولكن أنتظر الرّزق من عند الله كلام ليس له فائدة، صحيح أنّ الرزّاق هو الله تعالى وهو يعطي ويأخذ، ولكن هل يُعقل أن تُمطر السّماء مالاً ورزقاً دون أن يتحرّك الإنسان ويعمل ويجدّ ويجتهد مع النّيّة الصّافية (وعلى نيّاتكم ترزقون)، فلكي يصل الإنسان لمبتغاه لا بدّ له أن يطمح ويعمل ويتوكّل،.

عندما يصل الإنسان لما يريد يجب أن يعلم أنّه وصل بقدرة الله تعالى وليس بفضل قوّته، فهو رغم امتلاكه كلّ المقوّمات إلّا أنّه لن يصل لدرجة الكمال لأنّ الكمال لله وحده، حتّى وإن تكلّم الإنسان بالمثاليات وتحلّى بها عليه أن يدرك أنّه ينقصه الكثير فهو لا يعيش على الأرض الفاضلة، إلّا أنّ الإنسان يطمح للكمال، وأن يكون كاملاً وقريباً من الله تعالى، يعمل الخير ويحسّن من نفسه وأخلاقه، يطمح لترسيخ القيم والعادات، يطمح لتربية الأبناء تربية مثلى،.

هذا الطّموح لا يستدعي الكمال ولا يستوجبه، مع الانتباه أنّ لدى الإنسان مجال كبير للخطأ، لأنّه بالنّهاية إنسان يخطئ ويتوب، ليس معصوماً عن ارتكاب الأخطاء، ولكن يجب عليه أن يسمو بروحه وفكره ووعيه وتعامله مع ذاته ومع الآخرين، والأهمّ من ذلك كلّه أن يكون التّعامل مع الله بنيّة صافية، فالله تعالى لا يخفى عليه شيء، ويعلم السرّ والعلن، ممّا يستوجب أن يجتهد المرء في تحقيق أمنياته وأحلامه مع العمل الدّؤوب ومواصلة الدّعاء لله تعالى، حتّى يصل لطموحه المنشود، فالحياة مليئة بالحجارة لا ينبغي التّعثّر بها، بل استغلالها لبناء سلّم يستخدمه الإنسان نحو الوصول لهدفه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bde6ku3r

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"