عادي

حلاوة الإيمان

22:41 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

للإيمان حلاوة يذوقها من وفقه الله للالتزام بصفات أهله، أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان. باب: حلاوة الإيمان عن أنس، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار». قال النووي في شرح صحيح مسلم: قال العلماء – رحمهم الله – «معنى حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات، وتحمل المشقات في رضى الله عز وجل ورسوله – صلى الله عليه وسلم -، وإيثار ذلك على عرض الدنيا».. قال القاضي عياض في إكمال المعلم: «هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم ذات طعم الإيمان من رضي الله رباً...» وقال الحافظ في الفتح: وفي قوله (حلاوة الإيمان) استعارة تخيلية، شبه رغبة المؤمن في الإيمان بشيء حلو، وأثبت له لازم ذلك الشيء، وأضافه إليه، وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح؛ لأن المريض الصفراوي يجد طعم العسل مرّاً، والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه، وكلما نقصت الصحة شيئاً ما؛ نقص ذوقه بقدر ذلك.

إن الإيمان شجرة طيبة قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا...) (الرعد 24-25)

قال ابن عباس في تفسير الآية: (كَلِمَةً طَيِّبَةً) شهادة أن لا إله إلا الله (كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ) المؤمن (أَصْلُهَا ثَابِتٌ) بقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء) يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء. وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد. تفسير ابن كثير 2/531

وليعلم أن شجرة الإيمان تحتاج إلى تعاهد وسقي، يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: (ومنها أن الشجة لا تبقى حبة إلا بمادة تسقيها وتنميها، فإذا قطع عنها السقي أوشكت أن تيبس، فهكذا شجرة الإيمان في القلب إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر، والتفكر على التذكر وإلا أوشكت أن تيبس، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: «إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب فجددوا إيمانكم»، وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك، ومن هنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات، وعظيم رحمته، وتمام نعمته، وإحسانه إلى عباده بأن وظفها عليها، وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم. ومنها أن الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه المادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب. ليس من جنسه، فإن تعاهده ربه ونقاه وقلعه يحمل الغرس والزرع، واستوى وتم نباته، وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكى.. فالمؤمن دائماً سعيه في شيئين: سقي هذه الشجرة، وتنقية ما حولها، فبسقيها تبقى وتدوم، وبتنقية ما حولها تكمل وتتم.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc4vmtt7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"