النجدة الإماراتية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

الدعم بأبلغ معانيه ليس تشاؤماً، وبالضرورة ليس من باب التمني، القول إن المواجهة بين الطرفين المتحاربين في السودان، وهي تقترب من إكمال شهرها الرابع، حجزت لها موقعاً في خانة الأزمات العربية التي تبدو مستعصية على الحل، أو على الأقل مرشحة للبقاء جرحاً عربياً نازفاً لفترة طويلة.

هذا القول مبعثه تاريخ من أزماتنا التي يتعامى صناعها عن خطورة نتائجها، ويصمون آذانهم عنها، فلا يسمعون أصوات الدعوة إلى الاتحاد والحكمة، وتأخذهم العزة بالإثم السياسي والإنساني فلا يعترفون بالخطأ، فتكون العاقبة استفحالاً لما كان يمكن احتواؤه بقليل من التبصر.

في الأزمة السودانية، كما في غيرها، أعتقد أننا تجاوزنا مرحلة تحميل طرف مسؤولية إطلاق الرصاصة الأولى، بل تجاوزناها بسرعة تعكسها النتائج الكارثية التي نتجت عن الاحتكام إلى السلاح لغة للتفاهم، وفي هذا الصدد، يمكن الاستناد إلى ما هو معلن، وقد يكون أقل من الحقيقي، من أرقام الضحايا بين قتلى، ومصابين، ومشردين، ونازحين، ولاجئين، وفاقدي الأمل في عودة وطن كبير ومهم إلى سكة الاستقرار وصناعة المستقبل.

هذه النتائج التي لم يتمنها أحد نسفت معها أي حديث طائش عن انحياز هذا البلد أو ذاك لطرف في الأزمة، وكشفت بجلاء أن المحب الحقيقي للسودان وشعبه من ينحاز إليهما بعيداً عن القاتل والمقتول في الصراع العبثي الدائر، فكلاهما في نار التاريخ ما لم يستدركا خياراتهما، والحب للسودان، كما لكل قُطر عربي، والسعي لإنهاء الأزمة، كالسعي في كل ما يماثلها من صراعات حول العالم، قاد الإمارات منذ الساعات الأولى إلى مناشدة الطرفين إعلاء مصلحة البلد الشقيق، ودعم كل جهد يجمعهما إلى مائدة حوار، والترحيب بأية خلاصة تؤدي إلى وأد الفتنة.

بالتكامل مع هذا المسلك السياسي، ابتدأت الإمارات نهجها الإنساني المعهود مع ضحايا أية أزمة تنشب في العالم، أياً كانت هويتهم، فما بالنا والضحايا هذه المرة أشقاء لا يليق بهم الهوان ولا القعود عن نجدتهم، فمنذ بداية الأزمة، طارت المساعدات الإماراتية برسائل الدعم الإنساني إلى السودان، وتشاد، أحد المقاصد الرئيسية للاجئين السودانيين، وكانت الإمارات من أوائل الدول التي بادرت إلى إرسال مساعدات مباشرة للسودان بمعناه الواحد غير القابل للقسمة على طرفين أو أكثر، وأسهمت في إجلاء رعايا دول أجنبية ودبلوماسيين وعائلاتهم من هناك، واستقبلت حالات إنسانية فارّة من هول ما يجري.

هذا النهج الإماراتي الراسخ والمعترف به في كل بقعة لم يرتبط أبداً بتطورات المواجهة في السودان، ولا برهانات أي طرف فيها، بل بقيت عينه على الإنسان السوداني، وهو الأحق بالانحياز إليه أينما كان، وفي تشاد تحديداً، يتواصل هذا النهج على مسارين أحدهما يمثله المستشفى الميداني الإماراتي، وفي المسار الآخر، يواصل الفريق الإنساني الإماراتي توزيع الطرود الغذائية، ويلتقي المساران وغيرهما من جهد في نقطة واحدة: دعم الإنسان السوداني الممتحن في وطنه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrybp2yv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"