عادي

العفة خلق إسلامي رفيع

21:48 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

عرف العرب قبل الإسلام قيماً أخلاقية عدة على الرغم من انتشار بعض العادات السيئة، وجاء الإسلام ليُقر العرب على كل ما هو صالح، ويدحض كل باطل، وفي ذلك يقول النبي، صلى الله عليه وسلم: «إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاق»؛ ومكارم الأخلاق تشمل كل فضيلة سادت البيئة العربية في الجاهلية من كرم، وصدق، وإغاثة ملهوف، ونُصرة مظلوم، وقهر ظالم. ولعل من أبرز تلك القيم والأخلاق العفة؛ حيث تشمل معاني عدة، فما العفة؟ وما الجوانب التي تشملها؟

العفة: هي التعالي عن سفاسف الأمور، وعن كل ما يخدش المروءة والحياء، استجابةً لأمر الله تعالى، فهي من القيم الأخلاقية الرفيعة التي يحث عليها الإسلام، وتعد جزءاً أساسياً من التقوى؛ فالمسلم حينما يكون عفيفاً يتمثل خُلُق التقوى الذي من معانيه أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فما الذي يمنع كافل اليتيم من أخذ مال مَن هو تحت وصايته والاحتيال عليه إلا العفة التي أمره الله بها؟ وما الذي يمنع المسلم من أخذ ما ليس له إلا العفة التي تدعوه إلى الترفّع عن كل ما نهى الله عنه؛ فالعفة تهدف إلى المحافظة على النفس والشرف، وترسّخ روح التقوى والاستقامة في الفرد، وقد حث القرآن الكريم على التزامها، وأن يجعلها المسلم منهجاً في جميع جوانب حياته؛ ففي موضوع الزواج نجد أن الإسلام حث عليه مَن امتلك مقوماته، وأما من لا قدرة له فدعاه إلى الابتعاد عن كل ما يُوقعه في الحرام، والله سبحانه وتعالى لم يقل في كتابه الكريم (ولا تزنوا)، وإنما قال سبحانه: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32]؛ أي دعا إلى العفة والابتعاد عن مقدمات الزنا من النظر المحرم وغيره من الأسباب التي تؤدي بصاحبها إلى الحرام. وفي جميع أمور حياتنا دعانا ديننا إلى الابتعاد عن كل ما فيه شبهة؛ لأن من اقترب من الشبهة وحام حولها بات إلى الحرام أقرب، وفي ذلك دعوة إلى العفة التي تمنع الإنسان من مقدمات الحرام وأسبابه.

العفة مبدأ محوري يسهم في تطوير الفرد وبناء المجتمع؛ إذ إنها تساعد على تحقيق التوازن والنجاح في حياة المسلم، ولو عدنا إلى سِير الأنبياء والصالحين لوجدنا أن من علا شأنه وارتفع ذكره هو العفيف الطاهر الذي لم يقبل الوقوع في الحرام أو مقدماته؛ فنبي الله يوسف، عليه السلام، على الرغم من أنه كان شاباً شديد الجمال، فإنه حينما دعته امرأة العزيز إلى الحرام قال كما يروي القرآن حكاية عنه (مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) [يوسف: 23]، فهو يعلم أن المعصية تورّث صاحبها الذل في الدنيا والعذاب الأليم يوم القيامة، والعفة بالابتعاد عن الحرام ترفع شأن صاحبها في الدنيا والآخرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4dpd3a53

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"