عادي

النية أساس العمل

22:34 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

يسعى المسلم إلى كسب رضوان الله، في كل عمل، لكن أحياناً يأخذ الإنسان العُجب بما يقوم به، ويتمنى أن يطلع الناس على فعله، كي يثنوا عليه، وهنا يخلط نيته بين كسب رضوان الله، والحصول على ثناء الناس، فإن سئل عن ذلك، تذرع بأن الناس إن لم يطلعوا على عمله، فإنهم ربما ظنوا أنه لم يؤدِ عمله على الوجه المطلوب. توثيق العمل بالصور أو الفيديوهات، لإثبات نشاط معين نقوم به شيء، والرغبة في نيل مدح الناس شيء آخر، والحكم في الأمرين هو النية، وحينما نقول محل ذلك النية، فهنا لا بد من التنبه لأمرين، أولهما النية محلها القلب، ولا يطلع عليها إلا الله، والفرد ليس بحاجة لأن يبرر بأنه قام بهذا العمل مرضاة لله أم لا، فنواياه قد اطلع عليها خالقه، وهو أعلم بحاله، وثانيهما الله وحده من يحاسب الناس على نواياهم، ولا يحق لأحدنا أن يُنَصِّب نفسه قاضياً على نوايا الآخرين، فيقرر أن عمل فلان كان لله، وعمل الآخر كان ابتغاء مدح الناس، فالمسلم يحكم بظاهر الأمور والنوايا أمرها إلى الله، وقد ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قوله: (إنما كانوا يؤخذون بالوحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم)، وهنا لا بد من التنبه أن المسلم يظن بأخيه خيراً، وبأن عمله كان ابتغاء مرضاة ربه.

كلنا يحب أن ينال الثناء، ولكن لو فكرنا قليلاً ما الذي سنجنيه من مدح الآخرين؟ ربما من مَدَحَنا اليوم، يذمنا غداً، لذا فإن الغاية الأساسية ينبغي أن تكون مرضاة الله، فهو، سبحانه، إن رضي رفع ذكر الإنسان وأعلى شأنه، وبهذا يتحقق للمسلم ما رمى إليه من دون أن يدخل ذلك في أساس عمله، وحتى إن لم يمدحه الناس، فيكفيه أن الله قبل منه عمله، وهو الكريم القائل (....وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) مريم: 64، وقد أمرنا بإخلاص النية له (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) البينة: 5، وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم، أهمية أن يكون أي عمل أساسه ومحوره إخلاص النية لله، فقال: (إنما الأعمال النيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).

النية لها أهمية كبرى، إذ من خلالها تتحدد غاية العمل، وبها ينتقل العمل من العادة إلى العبادة، وهي متلازمة مع الفعل، فالنية الحسنة لا تبرر الفعل السيئ، يروى أن أبا حنيفة، رأى رجلاً يسرق تفاحة، ثم تصدق بها، فقال له: أراك تسرق، وتتصدق بما سرقت؟ فقال الرجل: أسرق فتكتب سيئة، وأتصدق فتكتب عشر حسنات، يتبقى منها تسع، ألا تعرف الحساب؟ فرد عليه أبو حنيفة: «تسرق فتكتب سيئة، وتتصدق بها فلا تُقبل، لأن الله طيب يحب كل طيب، فتتبقى لك السيئة إن كنت تجيد الحساب».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ykh5rkc4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"