عادي

النيجر... بين مطرقة الإرهاب وسندان الانقلاب

16:56 مساء
قراءة 3 دقائق

نيامي (أ ف ب)

شهدت النيجر عدة هجمات دامية منذ انقلاب 26 يوليو/ تموز الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم، لكنّ محللين يحذّرون من التسرع في تفسير المعلومات الضئيلة المتوفرة بشأن الوضع الأمني.

فور وصولهم إلى السلطة، برّر العسكريون انقلابهم الذي أطاح الرئيس بازوم ب«تدهور الوضع الأمني» في البلاد.

وهو تصوّر يتقاسمه قسم من سكان النيجر، لكن يبدو أن الأرقام تناقضه.

ففي الأشهر الستة الأولى من عام 2023 تراجعت الهجمات على المدنيين بنسبة 49% مقارنة بالأشهر الستة الأولى من عام 2022، كما تراجع عدد القتلى بنسبة 16%، وفقاً لمنظمة «اكليد» غير الحكومية التي تُحصي ضحايا النزاعات حول العالم.

وسلّط مراقبون وشركاء غربيون لا سيما فرنسا حليفة النظام المخلوع، التي لا تزال تنشر 1500 جندي في النيجر، الضوء على هذه النتائج المشجعة.

ونُسب هذا التحسن جزئياً إلى الاستراتيجية التي طبّقها بازوم لمحاربة الجماعات الإرهابية، وهي فريدة في منطقة الساحل.

وبينما ينفذ العسكريون الحاكمون في كل من مالي وبوركينا فاسو عمليات «لمكافحة الإرهاب» اختارت النيجر سياسة «اليد الممدودة».

وأبرمت في هذا السياق اتفاقات سلام بين مجموعات السكان، ونفذت مشاريع تنموية، وأجرت مفاوضات مع قادة الجماعات المسلحة، وفق استراتيجية اعتبرها الشركاء الغربيون واعدة لكنها تعرّضت لانتقادات في النيجر لا سيما في صفوف الجيش.

شعور بعدم الأمان

يختلف مفهوم الأمن باختلاف الواقع، وأعرب سبعة من كل عشرة من سكان النيجر (72%) عن ارتياحهم لتطور الوضع الأمني في بلادهم، وفق استطلاع ل«أفروبارومتر» أُجري في يونيو/ حزيران 2022.

وكان سكان المناطق الريفية المتأثرين بشكل مباشر بأعمال العنف أكثر ارتياحاً من سكان المدن (78% مقابل 47%) وفقاً لهذا الاستطلاع.

ورأى مهامان تاهيروعلي باكو، الباحث في مختبر الدراسات والأبحاث حول الديناميات الاجتماعية والتنمية المحلية (لاسديل)، في نيامي، الذي شارك في هذا الاستطلاع، أن سكان المدن أكثر إلماماً بالسياسة، ولديهم إمكانات أفضل للوصول إلى المعلومات، وكلما ارتفع مستوى المعيشة حظيت المسائل الأمنية والصحية بأهمية أكبر».

وأشار الباحث إلى أن هذا الاستطلاع لم يجر في المناطق المصنّفة «حمراء»، حيث ينعكس الوضع الأمني بصورة مباشرة على السكان، وذلك لضمان سلامة المحققين.

يؤكد هذا الباحث، وهو من القلائل الذين تمكنوا مؤخراً من الوصول إلى المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية عند أطراف النيجر ومالي وبوركينا فاسو، أن الهجمات الأكثر توثيقاً هي تلك التي تنفذ على رموز الدولة أو الهجمات النوعية، لكن بسبب انتشار الأسلحة وقطاع الطرق فإن أعمال العنف تكاد تكون يومية.

علاوة على ذلك، فإن عدد الهجمات والضحايا لا يعكس بالضرورة الشعور بانعدام الأمن الذي تنشره الجماعات الإرهابية التي تمارس شكلاً من أشكال السيطرة غير المباشرة يمتدّ أحياناً إلى مناطق بعيدة جداً عن قواعدها.

وتؤكد تاتيانا سميرنوفا الباحثة في مركز «فرانكو بيه» FrancoPaix لحل النزاعات وبعثات السلام قائلة: «إن كان العنف الواضح يتراجع فهذا لا يعني بالضرورة أن الأشخاص يعيشون حياة أفضل، فلا تزال الضرائب تُفرض، وحتى إذا انخفض عدد الهجمات، فإن تأثير الجماعات المسلحة ينتشر داخل النيجر».

إغلاق المدارس

يقول جان بيار أوليفييه دو ساردان المدير الفخري للأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي، والباحث في لاسديل إن الإرهابيين لا يسعون إلى الاستيلاء على السلطة الرسمية، بل يمارسون شكلاً من الحكم غير المباشر والسيطرة الاجتماعية على مناطق واسعة.

وهو نفوذ يترجم بصورة خاصة بإغلاق المدارس الابتدائية والثانوية في منطقة الساحل.

تم إغلاق نحو 890 مدرسة في أغسطس/ آب 2022 بسبب انعدام الأمن في مناطق النيجر الأربعة الأكثر تضرراً من الهجمات منها تيلابيري وفق تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف».

وفي مايو/ أيار 2023 أشارت وزارة التعليم في النيجر إلى أن أكثر من 900 مدرسة لم تعد تعمل في منطقة تيلابيري وحدها.

أدت اتفاقات السلام بين المجموعات السكانية المحلية إلى انخفاض ملحوظ في أعمال العنف في بعض المناطق بحسب المحللين والأرقام المتوفرة، لكن مناطق أخرى شهدت تصاعد وتيرة الحوادث.

وتضاف الهجمات المسلحة إلى نزاعات محلية يجعل تنوُّعُها من الصعب اعتماد توجّه عام.

من دائرة إلى أخرى، تختلف الديناميكيات وكذلك المجموعات والنزاعات، على حد قول تاهيرو علي باكو.

ويضيف: «من الخارج، يميل الجميع إلى اعتبار أن جميع الأوضاع هي نفسها، لكنها في الواقع ليست متجانسة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdf9hwt7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"