اللغة ومتتاليات الهدم

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل صادف أن زلّت بك القدم إلى أحياء الشبكة التي تتصعلك فيها زُمَر الأبواق المكلّفة بتشويه تاريخ اللغة العربية؟ ظاهرة عجيبة في تفاقم بكتيري، غير أن المؤلم هو أنهم من بلدان عربية، أو هم غير عرب نشأوا في الخريطة العربية. الأشدّ إيلاماً استفحال الأمّية الأبديّة في العالم العربي، ما يسهّل مهمّة المأجور في ما يؤمر بنشره من الترهات التي تتزيّا بثياب الدراسات الأكاديمية والبحث العلمي.

العتاب يجب أن يوجّه إلى سلسلة المؤسسات المسؤولة عن حماية العربية في كل المستويات: من أنظمة التعليم إلى كلّ ما عداها بلا استثناء. لكن ما أهمّية العذل إذا كانت لغة أربعمئة مليون آدمي لم تعرف يوماً طريقها إلى التنمية، لعلة هي أمّ العلل، فجلّ العالم العربي لم تكن التنمية فيه يوماً شيئاً مذكوراً. المنطق أيضاً له أحكامه، فيجب تحكيم العقل. بالله عليك، هل ينبغي لذي فكر الحديثُ جزافاً عن تلك الملايين المُملْينة من العرب، بينما الواقع أشبه بسيخ الشاورما المتناقص؟ فمن فضلك احذف مئة مليون من الأمّيين.

هل ثمّة ابن أنثى حصيف رصين، يجرؤ على أن يقول للسودانيين: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين في حماية اللغة العربية، فالحفاظ عليها يحتاج إلى دعم سريع؟ من يقول للعراقيين:الخلافات بين نحاة البصرة والكوفة لم تُحلّ على مدى أربعة عشر قرناً، فكم ستطول نزاعاتكم اليوم، حتى تجدوا وقتاً للعربية؟ أمجاد العربية في عاصمة الأمويين لا تشفع ولا تنفع في الحساب التنموي العسير، فماذا يكون الرد إذا دنوتَ من اللاجئين السوريين في تركيا وأوروبا إلى السويد، قائلاً: ما لكم لا تسعون إلى إحياء مفاخر العربية في علياء أبي العلاء؟ سيجيبك أبو فراس: «ونحن أناسٌ لا توسّطَ بيننا.. لنا الصبرُ دون العالمين أو القبرُ».

أفي هذه الأوضاع المأساوية الليبية، ستبلغ بك اللامبالاة حدّ مفاتحة الأشقاء في أن الراحل علي فهمي خشيم، رحل حتى من دون أن تقطع المجامع اللغوية بأيّ رأي في مؤلفاته التي تُنشي وتُثمل، على طريقة الشاعر الظريف: «فإذا سكرتُ فإنني ربّ الخورنق والسدير.. وإذا صحوتُ فإنني ربّ الشُّوَيْهة والبعير». الدكتور خشيم يزيّن لنا أن العربية هي أمّ لغات لا يُحصيها إلاّ الحاسوب، ثم نَبيتُ على نباح قطعان المأجورين، الذين يروّجون لسموم لا تخلو من خبائث الصناعة التي تخدع البسطاء. أين أجهزة المناعة التي تتصدّى للعاويات؟

لزوم ما يلزم: النتيجة التحذيرية: المخطط متكامل، مجموعات تشتغل على الإسلام، وأخرى على تاريخ العربية. على الأرض جهود الهدم حثيثة. حتى الطبيعة لا تُقصّر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2vvx7uau

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"