جرس إنذار لأوكرانيا

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما يدق البيت الأبيض ناقوس الخطر ويعلن أن الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا مهدد بالتوقف خلال شهرين، فذلك مؤشر على تحول حاسم في الحرب الدائرة منذ أكثر من 19 شهراً، قد يمثل نذير شؤم لكييف وإحباطاً واسع النطاق لأوروبا التي ألقت بكل بيضها في السلة الأمريكية لمعاداة روسيا ومحاولة إلحاق الهزيمة بها لغايات أوسع من الجغرافيا الأوكرانية.

إعلان البيت الأبيض تخوفه من توقف دعم أوكرانيا، جاء قبل دقائق من إطاحة مجلس النواب رئيسه الجمهوري كيفن مكارثي، بسبب تعامله مع الديمقراطيين لتمرير اتفاق مؤقت بشأن الموازنة لتجنّب الإغلاق الحكومي، وهو اتفاق لم يتضمن تمويلات لأوكرانيا. وبعد هذه الإقالة، التي أحدثت زلزالاً سياسياً غير مسبوق هز الولايات المتحدة، سيبقى مصير دعم كييف معلقاً تتقاذفه الانقسامات الحادة في الكونغرس بين الجناح المتشدد في الحزب الجمهوري والديمقراطيين. وإذا كان انتخاب مكارثي قد جاء بعد 15 جولة انتخابية بداية هذا العام، فإن التوافق على خلفه ستواجهها صعوبات جمة، إلا إذا تم إبرام صفقة بعيداً عن الأضواء.

ومع هذه التجربة، فإن الولايات المتحدة تعيش أزمة غير مسبوقة، ربما ستكون نموذجاً لأزمات أعمق لم تعرفها هذه القوة العظمى منذ تأسيسها قبل أكثر من قرنين. فمنذ أقل من شهر فتح مكارثي تحقيقاً لمحاولة عزل الرئيس جو بايدن من منصبه، لكن المفارقة أنه هو من تعرض للعزل. وبسبب تشابك الأوضاع الداخلية الأمريكية مع القضايا العالمية الكبرى، فإن ارتدادات الهزات في واشنطن تمتد إلى مختلف الأرجاء، وخصوصاً الأزمة الأوكرانية التي كانت منذ بدايتها قضية أمريكية، بغض النظر عن الشعارات الرنانة المتداولة حول «سيادة الدول» و«سلامة أراضيها» و«ضرورة التصدي للغزاة».

الأزمة الأمريكية العميقة ستنعكس سلباً على أوكرانيا، وستتطابق مع الخطة الروسية الرامية إلى إرهاق الغرب وخلق مشكلات داخله بسبب طول الحرب والاستنزاف الهائل للموارد دون تحقيق أي إنجاز ميداني يمكن أن يقنع الرأي العام في الولايات المتحدة وأوروبا بوجاهة تلك السياسات التي يبدو أنها تتجه إلى فشل ذريع، وإحداث أزمة بنيوية لدى أغلب الحكومات المنخرطة في الحرب بالدعم والتحريض وإذكاء الانقسام العالمي.

قبل أيام هدد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف بضم مزيد من الأراضي الأوكرانية خارج المناطق الأربع التي ضمتها موسكو قبل عام، كما حذر المسؤول ذاته من أسماهم «حمقى الغرب» بالدفع إلى حرب عالمية ثالثة. ومثلما يؤخذ هذا التهديد على أنه تحذير صريح، يمكن اعتباره أيضاً ضغطاً سياسياً يفاقم التوترات داخل الدول الداعمة لكييف، لا سيما أن كل الأسلحة المتطورة ومئات المليارات التي تم تقديمها لم تؤدّ إلى إحداث أي اختراق عسكري أو سياسي، بل إن روسيا بدأت تكسب هذه الحرب، وإن انقطاع الدعم الأمريكي سيسمح لها بتوجيه ضربة قاضية. وهذا ما تشير إليه بعض التقارير الاستخبارية إلى أن موسكو ربما تعد لهجوم واسع النطاق على كل أوكرانيا، ربما سيسمح بوضع حد لهذه الحرب ومعرفة من حقق النصر، ومن لحقت به هزيمة استراتيجية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryrsepk

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"