عادي
عالم متجدد

هل الدعاء يردّ البلاء؟

22:24 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

الدعاء معناه استدعاء العبد من رب العناية وطلب المعونة منه، وإظهار الافتقار إليه وإظهار الذلة للخالق، انظر: إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين ج5- ص27-28.

والدعاء يرد بمعانٍ عدة، مثل الاستغاثة والنداء والسؤال من الله، والاستغفار والذكر، لذلك فإن الدعاء كما يقول الإمام النووي وجمهور العلماء مستحب، انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج3- ص460.

وقد يكون الدعاء في بعض المواقف واجباً، كالدعاء الوارد في صلاة الجنازة أو الدعاء في خطبة الجمعة، واختلف العلماء بعد ذلك، فقالوا: هل الأفضل الدعاء أو الرضا بالقدر والسكوت على ما جرى به قلم القدرة؟

ذهب بعضهم إلى أن الدعاء عبادة ولابد من العبادة، وبعضهم قال السكوت أولى، والرضا بالقدر أفضل، انظر: الأذكار للنووي ص609.

خلاصة القول: إن فضل الدعاء عظيم، لأن الله تعالى يقول: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) الآية 186 من سورة البقرة.

ومن المؤكد أن للدعاء أثراً عظيماً في حياتنا، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله حييٌّ كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردّهما صفراً خائبتين.. رواه الترمذي.

نعم.. فكم من محنة رُفعت بسبب الدعاء، وكم من مصيبة كشفها الله بالدعاء، فالدعاء مثل ما هو دافع للشر، جالب للخير أيضاً.

يقول الإمام الغزالي: اعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء، وليس من شرط الاعتراف بالقضاء ألا يحمل السلاح، وقد قال تعالى: (..وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم..) الآية 102 من سورة النساء.

ثم يقول: الدعاء يستدعي حضور القلب مع الله، فالخلق لا تنصرف قلوبهم إلى ذكر الله إلا عند إلمام حاجة، فالدعاء يرد القلب إلى الافتقار إلى الله، وأما الغنى فيسبب البطر، انظر: إحياء علوم الدين ج1- ص336- 339.

ولكي يكون دعاؤك مستجاباً، يجب عليك أن تطلب الحلال في مطعمك ومسكنك وملبسك، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، قال ذات يوم لأصحابه: أيها الناس، إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم..) الآية 172 من سورة البقرة. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذّي بالحرام، فأنى يستجاب له، رواه مسلم.

ومن آداب الدعاء أيضاً، أن يستثمر الأوقات الشريفة، مثل يوم عرفة، وشهر رمضان، ويوم الجمعة، وساعة السحَر من الليل، وعند نزول الغيث، وغيرها من الأوقات المباركات.

ومن الأفضل وقت الدعاء أن يستقبل القبلة ويرفع يديه، وألا يرفع صوته إلى حدّ الجهر المستنكر، ففي الحديث أن الرسول قال لقوم رفعوا أصواتهم: «أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا أبكم»، رواه البخاري.

وأخيراً.. ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bd4r9pma

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"