كوريا الشمالية بيد الصين

03:13 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

في الوقت الذي توقفت فيه المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، يصل الرئيس الصيني شي جين بينج إلى بيونج يانج في زيارة نادرة مهد لها بنشر «رسالة صداقة» تنوه بوضع «خطة كبرى» مع كوريا الشمالية لتحقيق الاستقرار الدائم في منطقة شرق آسيا. كما تضمنت وعوداً بالتنمية والازدهار، تقارب الوعود نفسها التي يطلقها من حين إلى آخر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
هذه الزيارة، مثل أي حركة دبلوماسية دولية، ليست خطوة مجانية، بل لها أسباب وأهداف، وتأتي في ذروة الحرب التجارية الناشبة بين الصين والولايات المتحدة، وبالتزامن مع برود العلاقة بين ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، وقبل قمة صينية أمريكية مرتقبة على هامش قمة العشرين في اليابان الأسبوع المقبل، وبعد لقاء «تاريخي» بين كيم والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي. كل هذه الحيثيات لها علاقة بهذه الزيارة، التي يمكن اعتبارها حدثاً دولياً، لأنها ستترك تأثيرات وتداعيات على مستقبل قضية نزع سلاح كوريا الشمالية، وهو الهدف الذي عجز الرئيس الأمريكي عن تحقيقه حتى الآن، رغم ثقته الزائدة بنهجه لحل أزمة شبه الجزيرة الكورية. وتقول كل المؤشرات إن ترامب لن يفلح في مساعيه من دون توافق مع الصين وروسيا، الحليفين التقليديين لكوريا الشمالية. فقبل فترة طلب «وساطة» بوتين، وهو ما تم بالفعل على الأرجح، بعدما وصلت «رسالة رائعة» من كيم إلى البيت الأبيض. وبما أن موسكو صاحبة مصالح، وليست «وسيطاً أمريكياً»، من الصعب أن تقدم شيئاً بلا ثمن. أما الصين، فهي الأشد ارتباطاً بكوريا الشمالية، وتمتلك أغلب مفاتيح الحل. وربما سيجد ترامب، عندما يلتقي جين بينج، بعد أيام، أن بيونج يانج أصبحت ورقة بيد بكين تلعب بها في نزاعها التجاري والسياسي مع واشنطن، ولا عجب في ذلك، فكل المناطق الاستراتيجية على وجه الكرة الأرضية أصبحت مسرحاً للصراع الأمريكي الصيني، من كوريا الشمالية شرقاً، إلى فنزويلا غرباً، ولا يغتر المتابع بالخطاب الناعم للدبلوماسية، فخلف الكواليس تسيطر أجواء حرب فعلية، وخطط متضادة ومؤامرات متبادلة، حتى يتم الاستقرار على نتيجة محددة، إما التوافق على القضايا محل الخلاف، وإما الاستمرار في تصعيدها، والتسبب بمزيد من التوتر.
في «رسالة الصداقة» إلى كيم، كتب جين بينج «على مدى السنوات السبعين الماضية، كنا (كوريا الشمالية والصين) نتقدم بثبات إلى الأمام، ونحن على المركب نفسه، نشق طريقنا وسط الأمطار والرياح». وتحدد هذه الجملة شيئاً جوهرياً، وهو أن التحالف بين البلدين يزداد ارتباطاً، وسيستمران في خوض التحديات، كما يقدم تفسيراً لبرود الاتصالات بين ترامب وكيم. وربما ستتضح كثير من الأمور بعد زيارة الرئيس الصيني، وسيعرف أيضاً مصير الوعود الأمريكية بتحويل كوريا الشمالية إلى «جنة على الأرض».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"