عادي

شعارات «الشارقة للكتاب».. كلمات تصنع الوعي

00:04 صباحا
قراءة 7 دقائق
اقرأ أكثر
العالم يقرأ من الشارقة
هنا لك كتاب
قصة حروف
  • معارض الكتب ترسخ حالة من التعارف بين البشر

الشارقة: علاء الدين محمود

منذ تأسيسه الباكر في عام 1982، حقق معرض الشارقة الدولي للكتاب، الكثير من الإنجازات الثقافية والفكرية والمعرفية، وترسخت مكانته مع مرور السنوات في الدولة والخليج والوطن العربي، بل والعالم، حتى صار ضمن المعارض الدولية الأولى، وأبى أن يكون مجرد منصة لعرض المؤلفات وبيعها، بل لبذل الوعي والتشجيع على المعرفة والحوار الحضاري والثقافي في انفتاحه على البشرية عبر رسائله التي حملتها كلمات مكثفة وموجزة تلك المتمثلة في شعارات الدورات المتلاحقة، والتي ظلت تحتفي بالكلمة والكتاب والقراءة والمعرفة.

في كل دورة يكون للمعرض شعار معين، بكلمات بسيطة وموجزة، وفلسفة ذلك الأمر تكمن في توجيه تركيز العمل والفعاليات لكي تكون متسقة مع الهدف المعلن، والذي لا يخرج بطبيعة الحال عن معاني المعرفة والقراءة، حيث باتت الثقافة تلعب دوراً كبيراً في الوقت الراهن، في ترميم العلاقة بين الشعوب والبحث عن اتجاه وأفق يسود بموجبه السلام والمحبة وكل قيم التسامح والجمال بين الشعوب، والتعارف بين الثقافات المختلفة، وهذه نقطة شديدة الأهمية في جبهة العمل الثقافي، حيث إن التعارف بين الخصوصيات الثقافية يقود إلى واقع أفضل يعلي من قيم الحوار والاحترام المتبادل، بعد سنوات طويلة خاضتها البشرية في الاختلاف والاحتراب والخصومة والانغلاق الفكري، وهذا ما تفعله الثقافة ومفرداتها من أدب وفنون وفكر وإبداع وغير ذلك، لذلك كان «الشارقة للكتاب»، منصة مختلفة، تريد أن تصنع تأثيراً عبر الانفتاح على الإنسانية برافعة المعرفة والإعلاء من شأن الكتاب والقراءة.

وهج البدايات

من أبرز الشعارات التي رفعت في دورات مبكرة من المعرض «القراءة للصغار»، وذلك في دورته ال19، التي أقيمت عام 2000، حيث توجه الاهتمام باجتذاب الأطفال واليافعين باعتبارهم عماد المستقبل، من أجل تعزيز ذلك التوجه الثقافي، إذ حرص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بِن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على الانتباه مبكراً إلى «أجيال المستقبل» ورأى أنهم «فرس الرهان»، وهي العملية التي توسعت عندما صار للصغار معرضهم الخاص الذي يقام سنوياً في الشارقة، ومن أبرز الشعارات التي رفعها المعرض كذلك «في حب الكلمة المقروءة، وكان ذلك خلال الدورة ال28 في عام 2009، حيث كان الهدف منه هو التشجيع على القراءة باعتبارها أولى عتبات العلم ونيل المعارف، وقد جاء ذلك الشعار في وقت ترسخت فيه مكانة المعرض الذي صار واحداً من أبرز مؤشرات القراءة وصناعة النشر في الوطن العربي، وهو ذات العام الذي شهد تأسيس جمعية الناشرين الإماراتيين، بمبادرة من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، بهدف خدمة وتطوير قطاع النشر في الإمارات، والارتقاء به، والنهوض بدور الناشر الإماراتي والعربي من خلال برامج التأهيل والتدريب التي ترفع كفاءته، وكان لتلك المؤسسة التي لها فضل كبير في الترويج لقيمة القراءة وتشجيعها، وتأليف الكتب والإصدارات، حيث انتشرت منذ ذلك الوقت العديد من دور النشر في الدولة، وهو الأمر الذي رفع من معدلات الكتابة والاطلاع بما يخدم الحراك المعرفي والثقافي في الإمارات.

اقرأ أكثر

خلال السنوات الأخيرة أصبح هنالك اهتمام كبير من قبل «هيئة الشارقة للكتاب»، المشرفة على المعرض، برؤية ورِعاية صاحِب السمُو حاكم الشَّارِقة، بمسألة شعار الدورة المعينة للمعرض، بحيث تخدم الأهداف والتوجهات الفكرية والمعرفية، وجميعها تركز على كلمات ومفردات أساسية مثل «الكلمات»، و«القراءة»، ففي الدورة ال35، للمعرض، في عام 2016، اختارت هيئة الشارقة للكتاب شعار «اقرأ أكثر»، فلئن كانت جميع الدورات الماضية تحض على عملية الاطلاع، فإن تلك الدورة طالبت بالمزيد من القراءة، ولم يكن ذلك الأمر مجرد طلب، فقد كان ذلك مؤشراً كبيراً على توسع المعرض عبر طرح المزيد من المؤلفات الجديدة والمتنوعة، إضافة إلى الكتب الإلكترونية، ومواكبة التطور الرقمي، عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعني أن المعرض في ازدهار مستمر، حيث تم طرح الشعار برؤية متعمقة تنظر إلى القراءة بوصفها مفتاح الحضارة والفكر والرقي الإنساني، وتضمن ذلك الشعار العديد من الرموز التي تدل على أهمية المعرفة والاطلاع، وهي التي صممها ونفذها الفنان الروسي العالمي سلافات فيداي، صاحب الجناح الخاص خلال تلك النسخة، وجاءت الرموز منحوتة على رؤوس أقلام الرصاص حاملة رؤية الشارقة الثقافية حيث لخص المعرض سلسلة من التساؤلات في إجابة واحدة كانت «اقرأ أكثر»، وقد أشارت «الشارقة للكتاب»، حينها إلى أن كل الرموز التي تجسد شعار المعرض في تلك النسخة تشكلت على رأس القلم لتروي أهميته في التاريخ الإنساني وأثره في نقل العقل من الشفاهي والمحكي إلى المكتوب والراسخ، حيث إن الرموز الفنية في الشعار تحمل حكاية كبيرة خلفه إذ جاء رمز الصقر ليشير إلى مفهوم الرؤية البعيدة والعميقة، فيما حمل رمز المصباح معنى توسيع الرؤية عبر الخيال والأفكار الجديدة التي تنير للإنسانية سبيلها وطريقها، ولخص رمز «قطعة الأحجية» العلاقة القائمة بين التساؤل والمعرفة في حين يشير كوب القهوة إلى الاسترخاء والتأمل.

عالم وكتاب

وفي الدورة ال36، في عام 2017، حمل شعار المعرض جملة «عالمٌ في كتابي» في إشارة إلى العوالم والتجارب الكثيرة التي يكتسبها القراء عند مطالعة الكتب، حيث جسد الشعار في تلك النسخة من «الشارقة للكتاب»، الرؤية التي تنطلق منها الشارقة في تأكيد قيمة الكتاب وقدرته على أن يكون باباً للانفتاح على العالم بكل ثقافاته وعوالمه فيحمل الشعار صورة لكتاب تنفتح صفحاته على مختلف العلوم والآداب الإنسانية فيظهر مشرعاً على صور من التاريخ والأدب والتكنولوجيا وعلوم الفضاء والطب وغيرها من المعارف، حيث جاء هذا الشعار استكمالاً لما طرحته دورات المعرض من شعارات ظلت تؤكد على قيمة المعرفة وتعزز مفهوم القراءة لدى الأجيال الجديدة وأبناء المجتمع ليصل في تلك الدورة وبعد أكثر من ثلاثة عقود من العمل المتواصل والتنامي المتسارع إلى تكريس الكتاب بوابة للاطلاع على العالم ومعارفه وتاريخه ومستقبله، وأكدت «الشارقة للكتاب»، حينها أن شعار تلك الدورة يمنح زوار المعرض فضاءً أرحب لإدراك حقيقة أن خيال الكاتب لا حدود له سواء كانت أعماله واقعية أم خيالية..مشيرة إلى أن كل كتاب يقدم نظرة جديدة إلى العالم والواقع، ويتجاوز ذلك بالوصول إلى عوالم أخرى متخيّلة وغامضة، ولعل تلك الكلمات تشير إلى الرؤية الإبداعية والمعرفية لدى إدارة المعرض التي تريد أن تحلق تلك المنصة في فضاءات جديدة ومختلفة، تحرض على المعرفة، وتؤكد على أهمية الثقافة في حياة البشر والشعوب المختلفة، إذ تمدهم بطرائق جديدة في التفكير تتجاوز السائد.

قصة حروف

ولعل الجدير بالذكر في حكاية تلك الشعارات التي ظلت تطرح في الدورات المتعاقبة للمعرض ذلك الجهد الفكري والجمالي المبذول فيها، حيث إن كل شعار ظل يعبر ليس عن الدورة التي رفع فيها فقط، بل كل الدورات السابقة وما شهدته من عطاء ثقافي في معرض يزخر بالكتب والأنشطة الثقافية المتعددة والبرامج الفكرية والمنتديات الأدبية، وخلال النسخة ال37 من عام 2018، حمل المعرض شعار «قصة حروف»، وكأن تلك القصة تحكي عن المعرض بل والشارقة كمشروع ثقافي ورؤية جمالية إبداعية، إذ يحيلنا الشعار إلى عالم القراءة التي تتكون وتتشكل من تلك الحروف، فهي المسؤولة عن المعرفة والاطلاع، وثنائية الكتابة والقراءة، حيث جاء ذلك الشعار في وقت صار المشروع الثقافي للشارقة، ومعرض الكتاب، كإحدى مفردات ومؤسسات ذلك المشروع، أكثر رسوخاً وتأثيراً في المجتمع المحلي والعالم أجمع.

أبواب جديدة

إن الشعارات التي يطرحها المعرض، ليست مجرد كلمات تزين بها دورات المعرض، بل لها أهميتها ودلالاتها ورمزيتها، حيث وضعت هذه المنصة المؤثرة على عاتقها مهمة جعل القراءة والاطلاع عادة يومية، ولعل شعار الدورة ال38، في عام 2019، «افتح كتاباً... تفتح أذهاناً»، جاء ليكشف عن تلك المعاني، فهو يشير إلى دور المعرفة التي تتم عبر عملية القراءة في تفتيح الأذهان، وهي دلالة شديدة الأهمية، حيث إن العقول تظل مغلقة وصماء وتتبنى ما توارثته من أفكار في تسليم تام، إلى أن تأتي لحظة الكتاب والقراءة، لفتح أمام تلك العقول أبواباً جديدة، وبالتالي نقلة كبيرة في حياة الفرد والإنسانية جمعاء، وقد كان للسنة التي جرت فيها تلك الدورة خصوصيتها في المشروع الثقافي للشارقة، حيث توجت خلالها الإمارة الباسمة بلقب «العاصمة العالمية للكتاب»، من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو»، تثميناً لدورها البارز في دعم الكتاب وتعزيز ثقافة القراءة، وإرساء المعرفة خياراً في حوار الحضارات الإنسانية، لتكون بذلك الشارقة أول مدينة خليجية تنال هذا اللقب، والثالثة في الوطن العربي.

رسالة

خلال دورة العام الماضي، حمل المعرض رسالة الشارقة للبشرية جمعاء، حيث جاءت تلك النسخة بشعار «كلمة للعالم»، وأوضحت حينها إدارة المعرض أن الشعار يحمل خصوصية كبيرة للشارقة، عاصمة الكتاب والثقافة في المنطقة، فمن خلاله يراد القول إن الشارقة تحمل مسؤولية نشر العلم والمعرفة والأدب لتقديمها ونقلها للعالم أجمع، لأن «كلمة للعالم» احتفاء بقدرتنا كبشر على صنع التغيير ونشر الإيجابية وتحقيق التواصل، كما أنها تأكيد على أن الشارقة منصة حية للتبادل الثقافي والالتقاء المعرفي بين الشعوب.

وخلال الدورة ال42، للمعرض خلال العام الجاري، فإن «الشارقة للكتاب»، قد طرحت شعار«نتحدث كتباً»، وهو يحمل أهمية وقيمة الكتاب في عالمنا المعاصر، وتحدثت خولة المجيني المنسق العام للمعرض، عن دلالات الشعار قائلة: «شعارنا هذا العام، نتحدث كتباً، فمع مرور السنوات صار المعرض منصة عالمية لتبادل الأفكار وإتمام عقود النشر والترجمة ومناقشة قضايا الأدب والفن والفكر، وفي الوقت نفسه فرصة لتسهيل عمل الموزعين والناشرين والمكتبيين، وكل العاملين المعنيين في صناعة الكتاب، إلى جانب أنه ظل بيتاً لكل فئات المجتمع كباراً وصغاراً، فدعونا نتحدث كتباً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yu3t53v7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"