الصين والعقبات الأمريكية

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

تحاول الإدارة الأمريكية أن تسوّق للقمة المرتقبة بين الرئيس جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ في سان فرانسيسكو هذا الشهر، على أنها ستمهد لتحسين العلاقات وتنقيتها من الشوائب الكثيرة التي أصابتها في السنوات الأخيرة، وتصيبها كل يوم في ضوء التفاعلات الدولية الخطرة على امتداد الأزمات المشتعلة.

مقابل التفاؤل الأمريكي الملاحظ ظاهرياً، على الأقل، لا يبدو موقف الصين كذلك، فقد أعلن وزير خارجيتها وانغ يي، في ختام زيارته إلى واشنطن، أن الطريق إلى سان فرانسيسكو «مملوء بالعقبات» وأن الاجتماع المتوقع بين زعيمي البلدين لن يكون سلساً، بالنظر إلى الخلافات المتراكمة التي ازدادت ثقلاً مع الحرب الدائرة في أوكرانيا، ثم الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي يهدد بحرب شاملة في الشرق الأوسط، قد تجد فيها واشنطن وبكين نفسيهما وجهاً لوجه، بفعل تضارب المصالح والتباين الشديد حول تفسير مبادئ القانون الدولي. وما حدث من سجال بين مندوبي البلدين في ثلاث جلسات لمجلس الأمن حول غزة، كفيل بأن يرسم المسار المستقبلي للعلاقات بين الطرفين في ضوء التطورات الجيوسياسية الجارية والمتفاقمة في المدى القريب.

الحديث عن قمة بين العملاقين في هذا التوقيت لا يخرج عن محاولة واشنطن للملمة أوراقها المبعثرة في أكثر من ميدان، وحتى إن تم اللقاء المرتقب بين بايدن وشي، فلن يخرج بحلول سحرية للخلافات الكثيرة بين البلدين، وربما لن تحقق نتائجه أكثر مما حققه لقاء الرجلين في بالي الإندونيسية في نوفمبر من العام الماضي، فقد اكتفيا بتبادل التخذيرات من تجاوز «الخطوط الحمر» بين البلدين، وهو ما لم يحصل إطلاقاً، بل إن تلك الخطوط تم تجاوزها بمسافات طويلة سواء في ما يتصل بوضع تايوان أو التحالف الاستراتيجي بين بكين وموسكو والموقف من الحرب الدائرة في أوكرانيا.

ما يلاحظ في هذا المشهد العالمي، أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة قد ازداد شراسة، وهو يتوسع في ميادين وجبهات عدة، فبكين ومعها موسكو أصبحتا أكثر تصميماً وقوة على استبدال النظام الدولي السائد بقيادة الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، وتؤكد كل الطروحات الصينية والروسية أن هذا التوجه لا رجعة عنه. أما واشنطن فما زالت تقاوم وتحاول جمع ما أمكن من حلفائها الغربيين للتصدي لهذا المد الشرقي وعرقلته، على الرغم من أن المؤشرات كلها تؤكد أن التغيير وقع بالفعل، وأن السياسات الأمريكية في كثير من الأزمات لم تحقق ما كانت قادرة عليه قبل سنوات، وربما يؤشر موقفها من حرب الإبادة في غزة على تراجع دورها الحضاري كقوة عظمى تنتصر للقانون الدولي والعدالة والقيم الإنسانية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2wkbxctu

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"