خطر ما بعد الحرب

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

ينشغل كثيرون بالمتداول في أروقة سياسية غربية منذ أيام عن مصير قطاع غزة بعد «حماس» مادام الهدف، أو الطموح الأمريكي- الإسرائيلي المعلن هو القضاء على الحركة.

وتحقيق هذا الهدف وغيره من الأهداف الواضحة والمستترة رهن بالضرورة بنتائج الصراع الدائر في غزة، ومنها «نصر» طرف و«هزيمة» آخر، وللكلمتين مدلولهما الخاص عند كل فريق؛ إذ إن المكاسب والخسائر مرتبطة بالضرورة بما يبتغيه كل فريق، ومَن خلفه بالطبع، من الانخراط في هذه المأساة التي تتسارع فصولها.

ويبدو أن المأساة التي بدأت بمغامرة «حماس» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تكتنز كثيراً من المرامي، ومعظمها لم يظهر بعد، حتى وإن اعتبر البعض أن الأخطر ما قيل عن تهجير الفلسطينين من غزة إلى مصر، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، أو في الدرجة الثانية إعادة القطاع إلى ما قبل سيطرة الحركة بعد اختفائها المفترض.

كل السيناريوهات ستبقى محتملة التحقق حسبما سيفضي إليه ما تبقى من أمد الصراع، وقد يكون النزاع بين التصورات دائراً الآن في كواليس أهل السياسة والاستراتيجيات في المنطقة وخارجها، لكنّ هناك ما هو أهم بالنسبة لقطاع كبير من المتابعين في المنطقة.

في مقدمة ذلك تبعات ما نشاهده في غزة من إيغال في الدم الفلسطيني بصور لم تحتملها حتى شعوب الغرب، واستمراء العقاب الجماعي للفلسطينيين بذريعة الرد على هجوم «حماس» والسعي إلى تصفيتها.

وهذه التبعات ستكون شديدة التأثير، نفسياً، في الأجيال الجديدة من الفلسطينيين والعرب، فالرد الإسرائيلي الماضي في استباحة كل الأعراف والقوانين له سوابق، إنما لم تكن له فرضة الذيوع والانتشار نفسها التي توفرها الآن وسائط الإعلام بكل أنواعها.

استغلال هذه الوسائط أيضاً في ترويج بعض الادعاءات الإسرائيلية المتعلقة بهجوم «حماس» هيّج مناصرين لإسرائيل في الخارج ومستوطنين لدرجة الاعتداء المباشر على فلسطينيين، وهو أمر قد يضاف في مرحلة ما إلى أسباب تعبيرات بعض الفلسطينيين والعرب عن غضبهم مما يشاهدون.

ساعتها، ستكون سنوات طويلة من الجهود الساعية إلى ضمان سبل للتعايش وإقرار الهدوء في المنطقة ذهبت هباء في أيام.

السيطرة على مكامن الغضب ستكون، بعيداً عن سيناريوهات لنهاية الصراع، من أخطر المهام، فلا مصلحة لطرف في أن يبقى مهدداً بردود فعل يصعب تصور حجمها أو عواقبها، والأخطر أن يحاول فريق ما توظيف هذه المشاعر لتبقى المنطقة في دوائر متعاقبة من الغليان، وإن كانت مجريات الصراع أسقطت أقنعة لا يجيد أصحابها إلا الشعارات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3e3jpszz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"