«صوت وصورة».. إتقان الصنعة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

المنافسة قوية، والجمهور مستمتع؛ لم نكن نتخيل أن تسترد الدراما المصرية عافيتها بهذه القوة، فنجد أنفسنا أمام باقات من المسلسلات الناجحة، لا يتسنى لنا متابعتها كلها دفعة واحدة، فنؤجل منها ما يمكن تأجيله، خصوصاً أن أغلبيتها تُعرض على منصات المشاهدة، حتى لا تفوت عشاق الفن فرصة الاستمتاع بالقصص الجميلة، والأداء الجميل، والإخراج الجيد، أو المميز. «صوت وصورة»، من المسلسلات المعروضة حالياً، والتي تشدك لمتابعة أحداثها، وحلّ لغز الجريمة، محبوكة القصة بإتقان، بحيث تزيد مع كل حلقة من شكوكك وتوسّع من دائرة المتهمين، لتجد نفسك مشغولاً باكتشاف المجرم الحقيقي، واضعاً سيناريوهات في بالك، فتفترض أحداثاً، وتؤكد، وتراهن على أسماء وشخصيات، فإذا بمفاجأة تطرأ تدفعك لإعادة خلط الأوراق أكثر من مرة. المخرج محمود عبدالتواب، والمؤلف محمد سليمان عبدالمالك، يقدمان عملاً محبوكاً بعناية، ننتظر حلقاته بشوق، مسلسل بسيط، شخصياته بسيطة، تشبه كل الناس، ابنة مجتمعها، تحكي حكايات واقعية، تشعر بأنك تعرفها، صادفتها في محيطك، أو ربما تشبهك في بعض الجوانب من حياتها أو طريقة تفكيرها.. وما زاد القصة والصورة جمالاً، مجموعة الممثلين، حنان مطاوع تتقدمهم، رائعة بارتفاعها وهبوطها مع تقلبات مشاعر ومخاوف وقلق «رضوى»، المتهمة بقتل الدكتور عصام الصياد (مراد مكرم)، الذي سبق أن تحرش بها، فقررت فضحه والدفاع عن نفسها. يقابلها في الدفة الأخرى صدقي صخر، الذي يشبهها بهدوئه في الأداء مهما تبدلت أحوال الشخصية التي يؤديها؛ صدقي صخر نجم يشق طريقه صعوداً، يصعب ألا تنتبه لوجوده، أو أن تتجاهله، ومنذ مسلسل «ريفو»، والجمهور يحرص على متابعته، وينتظر أعماله لأنه ينتظر منه الكثير، ويعرف أن في جعبته الكثير من القدرات التي تنتظر فرصاً مناسبة لتعلن عن نفسها. عمرو وهبة لافت أيضاً، يقدم المواقف الكوميدية بلا استظراف، أداؤه يساعده في تجسيد كوميديا الموقف، ويشكل ثنائياً ناجحاً مع صدقي صخر؛ كذلك تتألق ناردين فرج، وولاء الشريف، ونجلاء بدر.. «صوت وصورة» يتميز أيضاً ببناء أحداثه على التطور العلمي والتقني الذي وصل إليه العالم، ودخل في عمق الواقع، ومخاطر الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن تزوير الحقائق، وحروب السوشيال ميديا، والاتجار بقضايا وهموم وفضائح الناس، واستغلال من يشتهر منهم ويصبح «ترند»، فتُفتح له أبواب الشهرة والثراء وتتدفق الإعلانات من كل صوب.. مسلسل نتمنى أن تكون نهايته على نفس مستوى انطلاقته والتشويق الذي مازال محافظاً عليه حتى الآن، يستمر إن لم يزد قليلاً، وأن نستمر في حالة الانتعاش الدرامي هذه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvnhaby

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"