حروب «إكس»

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لم يشكر معظم العرب أصحاب الحسابات موقع «إكس» على أنه الوحيد تقريباً الذي يسمح بمساحات تعبير أكبر بكثير من تلك التي توفرها بقية المنصات، في ما يتعلق تحديداً بالحرب الدائرة في غزة.

ولا يعنينا هنا إلى أي اتجاه تذهب الآراء المتدفقة في الموقع على مدار الساعة، فالأهم أنه لا يزال المتنفس الأبرز بعيداً عن تعقيدات «فيسبوك» مثلاً التى تفرض منذ بداية الأزمة قواعد أو «خوارزميات» جديدة للتدوين شكا كثيرون من أنها قطعت أواصر التواصل بين الأصدقاء، فلم يعد بعضهم يرى ما ينشره الآخر، فضلاً عن المراقبة الصارمة التي كثيراً ما تنتهي إلى منع أية محاولة لإبداء مجرد التعاطف الإنساني مع الضحايا في غزة، بعيداً عن أي تأويلات سياسية، ووقف حسابات البعض بحجج مختلفة.

فرصة التعبير التي يتيحها «إكس» يهدرها كثير من العرب، كالعادة، فحساباتهم التي نشأت مع المسمى القديم للموقع: «تويتر» لا تزال مصممة على تضييع الوقت والجهد في حروب جانبية تحت رايات متنوعة كلها تدّعي الدفاع عن القضية الفلسطينية، وما يتصل بغزة تحديداً ما دامت هي محور الأحداث الجارية، لكن معظمها لا يجد غير البذاءة وإثارة النعرات وتحريف الحقائق والمواقف سلاحاً.

ليس كل الذين يستخدمون «إكس» بالطبع في سلة واحدة، ففيه حسابات زعماء ومؤسسات ورموز من كل التيارات والمجالات، وعلى نهجهم يدوّن أشخاص عاديون متمسكون بآداب الحوار ومعايير الموضوعية، لكنها للأسف، حسابات أقلية، بينما الغلبة لمن يتخفون خلف أسماء وصور زائفة ولا يجيدون إلا الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد، والإقليم الواحد، والدول الشقيقة.

ينشط هؤلاء المزيفون في هدر الفرصة المتاحة للتعبير في كيل الإساءات للدول والأشخاص وتبادل الشتائم مع الآخرين، والأخطر بينهم من يعبر بلسان جماعات الضلال والتخريب التي تجد في مصائب المنطقة فرصاً للنهوض وتنشيط بضاعتها الراكدة من الشعارات التي لا تستحق الوقوف عندها ودعواتها المشبوهة التي تنطوي على تحريض من تتملكهم الحماسة أو يفقدون القدرة على التمييز بين الأمور.

تختطف هذه الجماعات، كالعادة، حق الحديث باسم قضايا عادلة أو مواقف صادقة في أصلها، لكنها لا ترغب إلا في ترويج باطلها والمزايدة على أصحاب النهج السوي الصادق الذي لا همّ له إلا إغاثة المنكوب ونصرة المظلوم.

لا يعني هذه الجماعات ومن لا يزال منخدعاً بما ثبت زيفه في خطابها، حاجة بعض القضايا إلى الترفع عن المكاسب العابرة والضئيلة، فما يعنيها مصلحتها أولاً، ولو على جثث المنطقة كلها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4hff78yb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"