في انتظار دورة 43.. يبدو العنوان تقريرياً وصحفياً تماماً، لكن الانتظار في حدّ ذاته هو فكرة شعرية.. انتظار الكتاب هنا في الشارقة في دورة المعرض العام المقبل 2024. انتظار فرحتنا في الشارقة، وانتظار أصدقائنا من دول العالم الشرقية والغربية.. الجنوبية والشمالية، المتوسطية، والآسيوية، والإفريقية، والأوروبية، تلك البلدان التي تتحدث شعوبها بكل لغات العالم المفهومة والمقروءة والمكتوبة والملقوطة والمخطوطة بأبجديات وحروف نحبّها وتحبّنا نحن العرب بلغتنا العربية.
في انتظار الدورة الثالثة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب في عامنا المقبل 2024.. بتفاؤل، وأمل، ووعود وعهود، تنكتب هذه الكلمات.
معرض الشارقة الدولي للكتاب ميثاق محبة وصداقة وحوار وجماليات وأناقات وانفتاحات حرّة على الحياة والمعرفة والكتابة.
في كل دورة من معرض الكتاب منذ الثمانينات، وإلى اليوم، نقبل على شراء الكتب والاحتفاظ بها وقراءتها والاقتراب منها في الليل والنهار، غير أن الشارقة لم تعلّمنا فقط قراءة الكتب، بل قراءة الحياة، وقراءة الناس، وقراءة مؤلفي الكتب، وقراءة الورق، وقراءة الحبر الذي هو نهر الكتابة.
من ناحية مهنية صحفية، لا تتيح لي زاوية يومية في جريدتي الخليج أن أكتب ما هو شخصي شأن التقاليد الصحفية المعروفة في كل الصحف المحترمة الرفيعة، غير أن ضمير المتكلم يفرض نفسه بأدب إذا كانت الكتابة تقع في مثل هذا الفرح المطلق بالكتاب والكتابة.
عرفت من خلال نحو أكثر من خمسة وثلاثين عاماً في الشارقة: إبراهيم الكوني، ونزار قباني، وأدونيس، ومحمود درويش، والجواهري، وعبدالله البردوني، وحسب الشيخ جعفر، وسلمى الخضراء الجيّوسي، وشوق بزيع، وجودت فخر الدين، ونجم والي، وعرفت في الشارقة ناجي العلي، وأحمد دحبور، ورسول حمزاتوف، والتقيت في الشارقة عبدالوهاب البياتي، واستمعت لقراءات شعرية لسعيد عقل، وندوات عميقة أصيلة لِلإفريقي النوبلي «وول سوينكا»، وأمين معلوف، وفي معرض الكتاب في الشارقة، عرفت وجه النوبلي غرونه ذي الأصول اليمنية، وفي أوائل الثمانينات رأيت يوسف إدريس الذي كان ينافس نجيب محفوظ على نوبل في قاعة إفريقيا في الشارقة، وفي الشارقة وفي دورات معرض الكتاب، عرفت كتّاباً وناشرين وصحفيين وروائيين من العالم، جميعهم كانوا يقعون في ما يمكن أن يُسمّى العائلة الأدبية الهادئة والبسيطة والجميلة والمكتملة في قوة روحها الداخلية.
معرض الشارقة للكتاب.. ندوة صداقات وقربى.. وعائلات.
