عادي
عبدالله بن زايد: فقدت الدبلوماسية العالمية أحد روادها الاستثنائيين

رحيل كيسنجر.. أشهر وزير خارجية أمريكي عن 100 عام

02:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
صورة سابقة لكيسنجر وزوجته في البيت الأبيض. (أ ف ب)

نعى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، الذي توفي أمس الخميس عن عمر ناهز 100 عام في منزله بولاية كونيتيكت، بحسب ما أعلنت مؤسسته.

وقال سموه عبر منصة «إكس»، أمس، «أتقدم بخالص التعازي لنانسي كيسنجر وعائلتها في وفاة هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق. واليوم فقدت الدبلوماسية العالمية أحد روادها الاستثنائيين».

ورحل هنري كيسنجر مهندس السياسة الخارجية الأمريكية لأزيد من نصف قرن، في زمن حروب وأزمات مستعصية تفتقد فيها الساحة الدولية شخصيات عالمية محنكة من طراز هذا الدبلوماسي العملاق، قادرة على لعب أدوار حاسمة في نزع فتيل الحروب المشتعلة.

وكان كيسنجر، فاعلاً رئيسياً ومثيراً للجدل في الدبلوماسية العالمية، خلال الحرب الباردة، فهو مهندس التقارب مع موسكو وبكين. وفي مؤشر إلى النفوذ والهالة التي يتمتع بها الرجل الذي أدار السياسة الخارجية الأمريكية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، كان هذا الرجل القصير القامة ذو الصوت الخشن واللكنة الألمانية القوية، على الرغم من تقدمه في السن، وحتى وقت قريب، ظل يُستشار من قبل الطبقة السياسية بأكملها، ويُستقبل من رؤساء دول، ويلقي محاضرات بالمؤتمرات في جميع أنحاء العالم.

وآخر مثال على ذلك، في يوليو الماضي، حين التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، والذي وصفه بأنه «دبلوماسي أسطوري».

وقد سمح كيسنجر بالتقارب في سبعينات القرن الماضي بين الصين والولايات المتحدة. ولم يترك أحد تأثيراً كبيراً أو بصمته على السياسة الخارجية الأمريكية في النصف الثاني من القرن العشرين مثل هذا المفاوض البارع الذي كان «حساساً بقدر ما كان سلطوياً»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

يعد هنري كيسنجر صاحب نظرية «الواقعية السياسية» الأمريكية و«الصقر» الحقيقي، واحداً من تلك الشخصيات المعقدة التي تجذب الإعجاب أو الكراهية.

وحصل كيسنجر، المولود في 27 مايو 1923 لأسرة يهودية ألمانية، على الجنسية الأمريكية في سن العشرين، وانضم إلى وحدة مكافحة التجسس العسكرية في الجيش الأمريكي الذي سافر معه إلى أوروبا كمترجم باللغة الألمانية.

وبعد الحرب العالمية الثانية، عاد لاستئناف دراسته، فالتحق بجامعة هارفارد، حيث حصل على شهادة في العلاقات الدولية قبل أن يقوم بالتدريس هناك ويصبح أحد مديري الجامعة العريقة. وعندما، بدأ الرئيسان الديمقراطيان جون كينيدي وليندون جونسون في استشارة هذا الأستاذ اللامع والطموح.

لكن الرجل الذي اشتهر بنظارتيه السميكتين فرض نفسه الوجه الرئيسي للدبلوماسية العالمية عندما عينه الجمهوري ريتشادر نيسكون في البيت الأبيض مستشاراً للأمن القومي في عام 1969، ومن ثم وزيراً للخارجية وقد احتفظ بالمنصبين معاً من 1973 إلى 1975. وبقي في وزارة الخارجية في عهد جيرالد فورد حتى عام 1977.

وفي ذلك الوقت، أطلق نظرية «الواقعية السياسة» الأمريكية، فباشر مرحلة انفراج مع الاتحاد السوفييتي وإذابة الجليد في العلاقات مع الصين في عهد ماو تسي تونغ، خلال رحلات سرية لتنظيم زيارة نيكسون التاريخية إلى بكين في عام 1972. كذلك، قاد في سرية تامة أيضاً وبالتوازي مع قصف الجيش الأمريكي لهانوي، المفاوضات مع لي دوك ثو لإنهاء حرب فيتنام.

وحاز في عام 1973 جائزة نوبل للسلام مناصفة مع لي دوك ثو، بعد التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن الفيتنامي رفض الجائزة التي اعتبرت الأكثر إثارة للجدل في تاريخ نوبل.

وحيّت دول العالم الكبرى الإرث الدبلوماسي الذي لا يزال حاضراً، لهنري كيسنجر.

وفور الإعلان عن وفاته قال الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش إن الولايات المتحدة فقدت أحد «أصواتها الأكثر تميزاً وموثوقية في الشؤون الخارجية». وأشاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بذكرى سلفه. وفي السياق، أشادت بكين بكيسنجر «صديق الشعب الصيني» وأثنت على دبلوماسي لعب دوراً محورياً في إرساء العلاقات بين بكين وواشنطن.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين «خلال حياته، أولى الدكتور كيسنجر أهمية كبيرة للعلاقات الصينية الأمريكية وآمن بأنها مهمة لسلام وازدهار البلدين والعالم».

كما حيّا رئيس الوزراء فوميو كيشيدا «الإسهامات المهمة في السلام والاستقرار» للدبلوماسي الأمريكي المخضرم في آسيا. وكتب وزير الخارجية ديفيد كاميرون على موقع «إكس»: إن كيسنجر «كان رجل دولة عظيماً ودبلوماسياً يحظى باحترام شديد، سيُفتقد على المسرح العالمي».

وقال إنه التقاه «قبل بضعة أشهر». وأضاف «حتى بعمر 100 عام، كانت حكمته وفكره متألقين».

وبدوره وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تعازيه للشعب الأمريكي» بوفاة «عملاق التاريخ». وأشاد المستشار أولاف شولتس بكيسنجر، منوها ب«التزامه بالصداقة على جانبي الأطلسي». وكتب شولتس على منصة إكس «ظلّ (كيسنجر) قريباً من وطنه ألمانيا. لقد خسر العالم دبلوماسياً عظيماً». وأثنى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إسهامات كيسنجر «رجل الدولة الحكيم وصاحب الرؤية»، في العلاقات الأمريكية السوفييتية.

(وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xrfe47w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"