عادي
عاشر دولة على مستوى العالم في إنتاجه

أشجار الزيتون هوية أردنية معرّضة لخطر الاندثار

17:17 مساء
قراءة 4 دقائق
علي عطا (أ.ف.ب)
أشجار الزيتون في الأردن (أ.ف.ب)
علي عطا يملك مزرعة تضم أقدم أشجار الزيتون في الأردن (أ.ف.ب)
يعد الأردن عاشر دولة على مستوى العالم في حجم إنتاج الزيتون، وفقاً لمجلس الزيتون العالمي.
وعاشت أشجار الزيتون المعمرة في هذا البلد منذ آلاف السنين تمكنت خلالها من مقاومة الظروف والتغيرات المناخية، وبقيت جزءاً من هوية المملكة وثقافتها، لكنها باتت مهددة بالقطع الجائر، بسبب التوسع العمراني أو التحطيب أو البيع لأثرياء يستخدمونها في مساكنهم الفارهة لأغراض الزينة أو التدفئة.
يتناول علي صالح عطا، 84 عاماً، فجر كل يوم فصّين من الثوم مع كأس من زيت الزيتون للحفاظ على صحته، قبل أن يجول على أرضه في شمال غرب الأردن للاطمئنان على أشجار الزيتون المعمّرة التي يعتني بها.
ويقول عطا بينما يتفقد أشجار زيتون يتجاوز عمرها 2000 عام، ولها جذوع ضخمة وأغصان متشعبة ذات أوراق خضراء رفيعة: «هذه الأشجار تمثل تاريخ الأردن».
وتقع أرضه في قرية الهاشمية في محافظة عجلون (73 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من العاصمة عمّان) على مقربة من نهر الأردن، والتي تضم آلاف الأشجار المعمرة.
ويبتسم الرجل الثمانيني، وهو أب لعشرة من الأبناء والبنات، قائلاً: «أوصيت أبنائي وأحفادي بوصية مكتوبة بالحفاظ عليها بعد مماتي، وأن يأكلوا منها هم وأولادهم وأحفادهم».
مخاطر
يحاول الأردن من خلال «المركز الوطني للبحوث الزراعية» حماية هذه الأشجار، التي يقول نزار حداد، مدير عام المركز إنها «تواجه مخاطر أهمها أن تصبح سلعة، فهي منذ زمن محط أنظار الفنادق والفلل ورجال الأعمال والشركات».
ويوضح حداد أن هؤلاء «يحبون أن يضيفوا شيئاً من العراقة على مؤسساتهم، لذلك فإنهم يشترون مثل هذه الأشجار وينقلونها، ما قد يعرضها إلى الاندثار، لأن عمليات النقل هذه قد لا تنجح إذا لم يقم بها خبراء».
ثروة وطنية
يشير حداد إلى أن «التشريعات الأردنية الجديدة تحمي هذه الأشجار من الاقتلاع والنقل، وهناك تنسيق بين وزارة الداخلية ومركزنا وشرطة السير، حتى لا يُسمح بعمليات النقل إلا في حالات استثنائية جداً تحت إشراف مركزنا ووزارة الزراعة».
ويبلغ عدد أشجار الزيتون في الأردن، العضو في مجلس الزيتون العالمي، نحو 11 مليون شجرة تعادل نحو 20 في المئة من مجمل المساحة المزروعة.
وبلغ معدل إنتاج المملكة من ثمار الزيتون خلال السنوات الأخيرة نحو 50 ألف طن سنوياً، ونحو 25 ألف طن من زيت الزيتون. ويسهم هذا الإنتاج بنحو 120 مليون دينار (169 مليون دولار) في الدخل القومي ويعيل نحو 80 ألف أسرة.
ويلفت حداد إلى رمزية شجرة الزيتون الدينية بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين، مؤكداً أن «هناك رمزية عالية جداً لشجرة الزيتون في الدين المسيحي».
ويضيف: «في القرآن الكريم، هي إحدى الأشجار التي حلف الله بها عندما قال (والتين والزيتون)».
ويؤكد حداد أنه «لا بد من المحافظة عليها حتى تبقى مصدر إلهام للمجتمع، خصوصاً أنها من النوع القادر على التكيف مع كل التحديات البيئية التي تواجه ليس فقط منطقتنا بل العالم».
ويقول رئيس جمعية «المهراس» التعاونية عامر الغرايبة: إن الهدف من وراء تأسيس الجمعية هو المحافظة على هذه الأشجار باعتبارها ثروة وطنية.
ويشير إلى أن أشجار الزيتون المعمرة التي يطلق عليها اسم «المهراس» الآن كانت تسمى «الزيتون الرومي لأنها من أيام الرومان الذين كانوا يحكمون هذه المنطقة قبل الفتح الإسلامي».
وبحسب حداد، هناك تجمعات لهذه الأشجار المعمّرة في الأردن، بينها تجمعان كبيران في شمال المملكة في إربد وعجلون وجرش (شمال المملكة)، وأخرى أصغر في الطفيلة والكرك (جنوب).
ويشير إلى الاعتقاد السائد بأن الرومان جلبوا أشجار الزيتون إلى المنطقة من أوروبا، لكنه يقول إن البحوث أثبتت أن الأشجار الموجودة في منطقة المشرق العربي (الأردن وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية) هي أصل أشجار الزيتون في إيطاليا وإسبانيا وقبرص.
ويقول حداد: «فك الشفرة الوراثية والخريطة الجينية لها بيّن أن العكس هو الصحيح، وأنها نُقلت من الأردن باتجاه إسبانيا وإيطاليا وقبرص».
ويوضح أن هذا يعني أن «الأشجار المعمرة لدينا هي أصل لصنفين مهمين في العالم لإنتاج زيت زيتون الفرونتويو والمانزانيلو، ونحن سعداء بأن المجلس الدولي للزيتون اعتمد نتائج هذا البحث».
من جهته، قال الغرايبة إن جمعيته تتعاون مع وزارة الثقافة لإعداد ملف لإدراج الأشجار المعمرة على لائحة التراث العالمي غير المادي لليونسكو «ما سيسهم في المحافظة عليها وحمايتها من الاعتداءات».
ويعمل الأردن على تعزيز دور المجتمع في الحفاظ على أشجار الزيتون وعلاقته بها، بوضع رمز للمسح («كيو آر كود») على كل عبوة زيت زيتون منتجة من هذه الأشجار.
ويوضح حداد أن هذا الرمز الذي يُقرأ إلكترونياً: «يعطيك مكان الشجرة واسم صاحبها وتاريخها وجودة الزيت وعمر الشجرة».
ويضيف: «هكذا لا نبيع فقط زيت زيتون، وإنما نبيع قصة مربوطة نسوق من خلالها لهذا البلد بشكل كامل».
ويخلص إلى أنه «من الصعب بمكان أن تزور منزلاً في إربد أو السلط أو عجلون أو جرش أو الطفيلة، ولا تجد في كل حديقة شجرة (زيتون)، هي شجرة مباركة والأب يفتخر بإعطاء بناته من زيته وزيتونه».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/27mbwnhw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"