اختبار العدالة الدولية

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

في لحظة فارقة من تاريخ الأمم المتحدة، تقف محكمة العدل الدولية أمام واحدة من أكثر القضايا حساسية في تاريخ الشعوب، وهي القضية الفلسطينية، المغيبة منذ عقود، للنظر في شكوى جنوب إفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب «أعمال إبادة» ضد الفلسطينيين في حربها على قطاع غزة.

لا حاجة للحديث عن مشاهد القتل الجماعي والخراب والدمار المتعمد للمباني والبنى التحتية ولكل مقومات الحياة، فهي كلها كانت تجري تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، وهي كلها تعتبر «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية» من وجهة نظر القانون الدولي.

يحسب لجنوب إفريقيا جرأتها في القيام بهذه الخطوة، وهي التي عانت أكثر من غيرها من نظام الفصل العنصري، وتدرك أكثر من غيرها أيضاً تبعات هذه الخطوة في مواجهة قوى الهيمنة الغربية والأمريكية تحديداً، على النظام العالمي، والتي دأبت ليس فقط على تقديم الدعم الأعمى لإسرائيل، وإنما على توفير الحماية والغطاء السياسي لممارساتها في كل المحافل الدولية. إذ سارعت واشنطن، منذ اللحظة الأولى، لرفض الدعوى وهبّت للدفاع عن إسرائيل، معتبرة أنها «لا أساس لها ولا تستند إلى أي حقائق»، وكأنها تدرك أن إدانة إسرائيل هي إدانة لها كشريك فعلي في قتل عشرات آلاف الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالسلاح الأمريكي، الذي ما انفكت تقدمه عبر جسر جوي وبحري شمل أكثر من 250 طائرة شحن و20 سفينة محملة بأطنان من أحدث الأسلحة والذخائر، وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عن أكثر من 65 ألف طن من القنابل التي ألقيت على قطاع غزة حتى الآن.

أما إسرائيل التي تعتبر أن «جيشها هو الأكثر أخلاقية في العالم»، وأن من تجب محاكمتهم هم منفذو هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فهي تتجاهل كلياً ما كان يحدث قبل ذلك التاريخ، والذي قال عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه «لم يأتِ من فراغ»، وإنما نتيجة لأكثر من 57 عاماً، من المعاناة الفلسطينية، والانتهاكات المتواصلة لأبسط حقوقهم في الحياة على أرضهم، وانتهاك حرمة مقدساتهم الدينية، وعلى رأسها المسجد الأقصى.

اليوم تقف محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة في الأمم المتحدة لفض النزاعات بين الدول والشعوب، أمام اختبار حقيقي في رفع الظلم ونصرة المظلوم باتخاذ قرار فوري بوقف «حرب الإبادة» التي تتوالى فصولاً في قطاع غزة، من دون الرضوخ لسردية دولة أصبحت فوق القانون بفضل داعميها الغربيين.. فهل تنجح؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/vxjj7xvs

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"