ما بين قاعات المحاكم ومسارات حملته الانتخابية يتنقل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب متعهداً لأنصاره بأنه لن يتوقف حتى تحقيق الفوز والعودة إلى البيت الأبيض.
لكن ترامب الذي يتفوق على خصومه الجمهوريين في اسنطلاعات الرأي يدرك أن تحقيق هذا الهدف لن يكون سهلاً، وأن عليه تجاوز الكثير من العقبات، وخوض معاركه القضائية حتى النهاية، في مواجهة ما يسميه «الإرهاب السياسي».
يراهن ترامب على عوامل كثيرة، من بينها عامل الوقت، وهو عامل مهم لتأجيل بعض القضايا الحساسة، كدوره في التدخل في انتخابات عام 2020 والهجوم على الكونغرس في 6 يناير/ كانون الثاني2021، وقضية الاحتفاظ بالوثائق السرية وغيرها إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ليصار إلى معالجتها فيما بعد. ويبدو أن ترامب وفريقه قد وضع خطة محكمة لتعبئة الفراغ الناجم عن انشغاله بالمحاكمات حيث يواجه 91 تهمة جنائية، عبر تشكيل مجموعات بارزة من فريقه تتمتع بالخبرة الكافية لمواصلة حملته الانتخابية، فيما يعتقد هو أن المحاكمات لن تضره بقدر ما تفيده في العودة إلى البيت الأبيض، حيث تمنحه ميزة تغطية إعلامية مجانية، وهو ما لا يتوفر لخصومه السياسيين، وبالتالي فإن خطته تقوم على توظيف المحاكمات في خدمة أهدافه السياسية. ومن ذلك مثلاً، إصراره على الحضور أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن في قضية التدخل في الانتخابات يوم الثلاثاء الماضي، مع أنه لم يكن ملزماً بذلك. وبطبيعة الحال، يسعى فريق محاميه أمام لجنة محكمة الاستئناف إلى إثبات أنه كان يتمتع بالحصانة إزاء تهمة محاولة تغيير نتائج الانتخابات، حيث كان يتصرف بصورة رسمية، وهو ادعاء، بحسب الخبراء، يمكن أن يؤدي إلى إلغاء القضية.
ويجادل هؤلاء بأنه «خلال 234 عاماً من 1789 إلى 2023، لم تتم محاكمة أي رئيس حالي أو سابق جنائياً على الإطلاق بسبب أفعال رسمية». كما يعتقد ترامب أنه يجب إسقاط قضيته الجنائية بأن الهجوم على الكونغرس تم انطلاقاً من أنه كان يتمتع بالحصانة، بل يعتبر أن ملاحقته ترقى إلى خطر غير دستوري بعد عزله وتبرئته في مجلس الشيوخ.
غير أن قضية الحصانة لا تزال تثير جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية، كونها لا تلغي مبدأ المساءلة بحق الرؤساء الأمريكيين، فيما يعتقد الخبراء أن المعركة الحقيقية تدور حول التوقيت، إذ يمكن الاستئناف على مسألة الحصانة، بينما الهدف الحقيقي هو تأخير المحاكمات الجنائية، ما يمهد الطريق أمام ترامب لمواصلة حملته الانتخابية.
