تايوان وخيار القوة

01:08 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

عاد التوتر إلى تايوان مجدداً بعد فوز أحد أكثر المتحمسين للانفصال عن الصين، برئاستها في الانتخابات التي أجريت مؤخراً، والتي جلبت معها مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي ونائب الرئيسة الحالية، لاي تشينغ تي إلى سدة الحكم، وهي المرة الثالثة على التوالي التي يفوز فيها هذا الحزب بمنصب الرئاسة.

منشأ هذا التوتر لا يعود فقط إلى أن لاي تشيتغ يمثل الجناح الأكثر راديكالية في الحزب الديمقراطي التقدمي، ويؤيد بصراحة ووضوح انفصال تايوان نهائياً عن الصين مدعوماً من الإدارة الأمريكية والغرب عموماً، وإنما لأنه يقضي على أي آمال لبكين في إمكانية إعادة توحيد الجزيرة سلمياً مع الوطن الأم. وبالتالي فهو يرفع من منسوب إعادة استخدام الصين خيار القوة بوصفه سبيلاً وحيداً لإعادة توحيد الجزيرة في نهاية المطاف، غير أن هذا الخيار يحمل معه مخاطر كبيرة على المنطقة وحتى على الاستقرار العالمي.

صحيح أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لا يزالون يدعمون، ولو ظاهرياً، مبدأ «صين واحدة»، لكن الولايات أبقت على ما يسمى سياسة «الغموض الاستراتيجي» في التعامل مع قضية تايوان، وهي التي شجعت تنامي النزعة الانفصالية للجزيرة، وتقدم لها الدعم السياسي والعسكري بمليارات الدولارات. ومع ذلك، هناك أيضاً قيود على القوة، إذ على الرغم من تعاظم القوة العسكرية والاقتصادية للصين فإنها ليست مطلقة اليدين تماماً في استخدامها بسبب المخاطر الهائلة المترتبة عليها. وكذلك الحال بالنسبة لواشنطن، التي رغم قيامها بتشكيل أحلاف عسكرية وأمنية مثل «إيكوس» و«كواد» لمحاصرة الصين وبحرها الجنوبي، بذريعة الحفاظ على حرية الملاحة الدولية، فهي ليست في وضع يسمح لها باندلاع حرب مع الصين، خصوصاً وأنها متورطة في أزمات وحروب كثيرة، ناهيك عن تراجع مكانتها الدولية.

لكن ذلك لا يعني انتفاء استخدام القوة، إذ طالما أعلنت الصين أن تايوان بالنسبة لها تمثل «خطاً أحمر»، وتعتبر استعادتها للوطن الأم مسألة حتمية، فيما تدّعي واشنطن أنها لا تؤيد انفصال الجزيرة، ولكنها أعلنت مراراً وتكراراً أنها ستدافع عن الجزيرة في حال تعرضها للاجتياح. وبالتالي لا مجال للحسابات الخاطئة لأنها قد تشعل نيران الصراع، خصوصاً إذا ما فكرت واشنطن في فتح جبهة تايوان لإضعاف الصين، على غرار ما حدث في أوكرانيا.

ويكفي أن نشير إلى أن مجرد تهنئة واشنطن وطوكيو لرئيس تايوان الجديد استفزت بكين، ودفعتها إلى تقليص المدة الزمنية لتوحيد الجزيرة إلى 8 سنوات بدلاً من نهاية العقد المقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/24cb8p6m

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"