غزة تمتحن مجلس الأمن

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعه الطارئ، الأربعاء المقبل؛ للنظر في قرار محكمة العدل الدولية، الذي دعا إسرائيل إلى منع أي أعمال «إبادة جماعية» في قطاع غزة، سيكون أمام مسؤولية تاريخية وموقف لا يحسد عليه، يدافع فيه عن سمعته ومصداقيته، إن كانت لديه فعلاً مسؤولية وسمعة ومصداقية.

شاهد العالم على مدار 113 يوماً ما لم يشاهده في مكان آخر في التاريخ الحديث، قتل بالجملة للأبرياء من الأطفال والنساء، استهداف متعمد للمستشفيات ومقرات الأمم المتحدة، قطع للماء والكهرباء والغذاء، حرب تجويع شاملة بمنع المساعدات الإغاثية والدوائية، فكانت صورة الإبادة الشاملة مفضوحة تغذّيها خطابات كراهية مشينة صدرت عن قادة ووزراء ومسؤولين إسرائيليين منذ الساعات الأولى لهذه الحرب الملعونة. واليوم يقف هذا العالم أمام الحقيقة المروعة، فقد تعرّض جزء من الشعب الفلسطيني لاضطهاد غير مسبوق، وخلف القصف الإسرائيلي الحاقد أكثر من 100 ألف ضحية ومصاب ومفقود، وأصبح نحو مليونين من سكان قطاع غزة، نازحين ومشردين تلاحقهم القذائف في مسارات النزوح والمخيمات المؤقتة. كل ذلك يجري ولم يستطع المجتمع الدولي أن يوقف المذبحة أو يقول للقاتل: كفى.

بعد قرار محكمة العدل الدولية التاريخي، لم يعد هناك من مبرر للصمت والتغاضي، وسيكون مجلس الأمن الدولي أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يفرض سلطة القانون الإنساني ويأمر بوقف هذه الحرب، أو يتخاذل كالسابق فيسقط سقوطاً تاريخياً سيستمر دويّه أجيالاً؛ لأنه لم يصن القانون الدولي، ولم يحترم الأخلاق والإنسانية، وسيكون لهذا الموقف ثمن خطير تدفعه الأمم المتحدة في المستقبل القريب وليس البعيد. وغداة صدور القرار من لاهاي، كان الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش على الموعد، مرة أخرى، وأكد أن قرار المحكمة ملزم لجميع الأطراف، وأن على إسرائيل أن توقف عملياتها العسكرية في غزة فوراً.

سينتظر العالم ما سيتخذه مجلس الأمن في جلسته الطارئة التي سيكون فيها أمام امتحان حاسم تجاه ما يحدث في قطاع غزة من جرائم ومجازر وانتهاكات، وسيكون كل أعضائه، ولا سيما الدائمون أمام ضمائرهم للمرة الأولى منذ اندلاع هذه الحرب، وستكون الولايات المتحدة أمام خيارين، إما الاصطفاف إلى جانب القانون الدولي ودورها كقوة عظمى، أو تستمر في انحيازها الأعمى لإسرائيل، وهو انحياز كلفها الكثير داخلياً وخارجياً، وأوقعها في حرج من الصعب تجاوزه أو تبريره، بعد أن اتخذت محكمة العدل الدولية قرارها بلسان رئيستها الأمريكية.

إذا انتصر مجلس الأمن وأمر بوقف إطلاق النار فوراً في قطاع غزة، فسينتصر لدوره وللقانون الدولي، قبل أن ينتصر للضحايا الفلسطينيين ويوفر لهم الحماية من آلة التدمير الإسرائيلية. أما إخفاقه في اتخاذ مثل هذا القرار، فسيكون انكساراً تاريخياً للعدالة الدولية، وسقوطاً لا يغتفر للأمم المتحدة أمام شعب يتعرض للإبادة الجماعية والاجتثاث دون رادع أو نصير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/54fpdxbe

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"