الحرب الأوكرانية والمفاوضات

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

معظم الحروب انتهت بالمفاوضات والتوصل إلى حل. والحرب الأوكرانية- الروسية التي بدأت في فبراير/شباط 2022 لن تضع أوزارها إلا على طاولة المفاوضات مهما طال أمدها، على الرغم من التحريض الغربي على استمرارها من خلال الدعم العسكري والمالي المتواصل لكييف بهدف إلحاق هزيمة عسكرية بروسيا.

يدرك الطرفان الروسي والأوكراني، أنهما وصلا حتى الآن إلى طريق طويل مسدود، كما تدرك أوكرانيا ومعظم الدول الغربية أن هزيمة روسيا مستحيلة، وأن المضي في الحرب يعني استنزاف المزيد من القدرات البشرية للطرفين، وأن لدى روسيا القدرة على تحمل تداعيات الحرب أكثر بكثير من أوكرانيا التي بدأت تواجه مأزقاً عسكرياً على جبهات القتال ونقص في العديد والعتاد، إضافة إلى الخسائر البشرية الهائلة التي تتكبدها والدمار في البنية التحتية.

أصوات كثيرة ارتفعت خلال العامين الماضيين تدعو إلى وقف الحرب والجلوس على طاولة المفاوضات، لكن الرؤوس الحامية في واشنطن وحلف الأطلسي ظلت مستمرة في عنادها، ومصرة على مواصلة الحرب وتحريض كييف على المضي في القتال.

لكن تطورات الأشهر الأخيرة بعد مواصلة القوات الروسية التقدم على الجبهات وعدم قدرة السلاح الغربي على تغيير وجه المعركة، وتلكؤ التحالف الغربي عن تقديم ما تطالب به كييف من سلاح، قضت على هذا الوهم، ودفعت الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي إلى إعادة التفكير بمواقفه السابقة خشية أن تفقد بلاده المزيد من الأرض وتنتهي الحرب بانتصار روسيا، إضافة إلى أن المؤشرات بالنسبة للانتخابات الرئاسية الأمريكية لا تدعو إلى الارتياح في حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

كان الداعون في الغرب إلى التفاوض يوصفون بأنهم «سذج»، لأنهم لا يعرفون مدى ما يمكن أن يحدث فيما لو انتصرت روسيا، من تهديد للأمن الأوروبي وللعلاقة التاريخية عبر الأطلسي، وللنظام الدولي الأحادي الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن الآن تبدلت الصورة، فهذا النهج القائم على القوة لا يجد تبريراً إلا الاستمرار في الهيمنة الأمريكية.

وعندما يعلن الرئيس الأوكراني، استعداده للتفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الرغم من المرسوم المعمول به في أوكرانيا والذي يحظر هذا الإجراء، إنما يشكل ذلك خطوة إيجابية ومهمة للبدء في المفاوضات. لكن إذا كان زيلينسكي، قادراً على تجاوز مرسوم حظر المفاوضات مع الكرملين، هل يستطيع تجاوز «الفيتو» الأطلسي- الأمريكي الذي يمنعه من التفاوض؟

في مطلق الأحوال، فإن موسكو التي طالما دعت إلى المفاوضات بادرت إلى التقاط الدعوة بإيجابية، وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «إن هذا أفضل من البيانات عن استبعاد أية اتصالات مع الجانب الروسي ومع رئيس الدولة الروسية»، وأضاف بيسكوف: «شيء طبيعي أن الحديث بنبرة أو بأخرى عن الجوار أفضل بكثير من الحديث عن نية القتال حتى آخر أوكراني».

يذكر أن الرئيس الروسي، كان قد طالب في كلمة له أمام منتدى الشرق الاقتصادي في مدينة «فلا ديفوستوك» العام الماضي، بضرورة إلغاء مرسوم منع المفاوضات مع موسكو كشرط لفتح قنوات المفاوضات.

إذا استطاع زيلينسكي، تجاوز المرسوم الذي منع المفاوضات مع الكرملين، وإذا تمكن من إقناع الدول الغربية بالمفاوضات، فهذا يعني أنه فتح الباب المسدود، لأن البديل هو حرب مدمرة لا نهاية لها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4t9jd2wn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"