مسار آستانا.. لا جديد

00:25 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

بعد ثمانية أشهر على انعقاد الجولة ال20 ل«مسار آستانا» في العاصمة الكازاخستانية، انعقدت الجولة ال21 مؤخراً بمشاركة وفود من الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، إضافة إلى ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة، ووفود من الأردن والعراق ولبنان والأمم المتحدة بصفة مراقبين.

الاجتماع الذي عقد على مدار يومي 24 و25 يناير/كانون الثاني الماضي كان بهدف استعادة الثقة بين دمشق وأنقرة، والبحث في استئناف المسار السياسي والجهود المبذولة، للتوصل إلى حل شامل، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومكافحة الإرهاب والإفراج عن المعتقلين، وكشف مصير المفقودين.

وعلم في هذا الإطار أن روسيا وكل من تركيا وإيران تسعى إلى تذليل العقبات التي تحول دون استعادة العلاقات بين سوريا وتركيا، وإن جهوداً تبذل في هذا الاتجاه، باعتبار أن النجاح في هذا الجهد يصب في مصلحة جميع الأطراف، لوضع حد لأزمة طالت لأكثر من 14 عاماً.

يذكر أن «مسار آستانا» كان قد انطلق عام 2017 برعاية الدول الضامنة، بهدف إيجاد حل للأزمة السورية التي بدأت عام 2011، من دون أن تحقق اختراقات تذكر، باستثناء الاتفاق على «مناطق خفض التصعيد». إذ إن العقدة الرئيسية المتمثلة بتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، ظلت من دون حل، بسبب الشروط المتبادلة بين البلدين، حول مسألة انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، ووقف الدعم التركي للجماعات المسلحة.

نتائج الجولة الأخيرة لم تختلف كثيراً عن نتائج الجولات السابقة، باستثناء التمسك بهذا المسار، من أجل بث الأمل بأن جهود التسوية متواصلة، وتأكيد المبادئ العامة التي كان تم الاتفاق عليها في الجولات السابقة، وأهمها «الالتزام الراسخ بسيادة واستقلال سوريا ووحدة وسلامة أراضيها»، وتشديد الدول الضامنة على «أهمية الدفع بمسار آستانا قدماً لمكافحة الإرهاب، وتهيئة ظروف مناسبة لعودة اللاجئين، إضافة إلى ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا».

رئيس الوفد السوري، نائب وزير الخارجية والمغتربين، بسام صباغ، أكد بعد الاجتماع «ضرورة القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية، وإنهاء الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية»، ودعا إلى «الرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية على سوريا» (قانون قيصر).

إلا أن هذه المطالب تتجاوز قدرة الدول الضامنة ل«مسار آستانا»، لأنها تتعلق بالاستراتيجيات الإقليمية للدول الكبرى التي تتخذ من سوريا ساحة للصراع فيما بينها، ووجودها العسكري وعلاقاتها بالميليشيات المسلحة غير النظامية مرتبط بهذا الصراع. المبعوث الخاص للرئيس الروسي للتسوية السورية الكسندر لافرينتيف أعلن بعد الاجتماع، أن دول صيغة آستانا تتفق على أن «الوجود غير الشرعي للولايات المتحدة، ومحاولاتها إنشاء كيانات انفصالية في شمال سوريا وجنوبها، هو السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في سوريا».

من جهتها قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «إن روسيا ستبذل كل ما في وسعها لجعل سوريا خالية من الوجود الأجنبي، والمساعدة على إرساء الأمن، وإعادة السلام إلى كامل الأراضي السورية».

إلا أن هذا الهدف الروسي ليس جديداً، وهو أحد أهداف التدخل العسكري منذ عام 2015، وقد اصطدم تحقيقه بواقع ميداني يتجاوز قدرات روسيا، لأنه يعني في حال السعي إلى تحقيقه بالقوة سيؤدي إلى صدام واسع مع كل من الولايات المتحدة وتركيا، وكل الفصائل التي تعمل تحت إمرتهما.

لذلك، يظل «مسار آستانا» حاجة روسية وتركية وإيرانية وسورية بانتظار تغير الظروف الإقليمية والدولية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4vfcw33j

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"