مترتّبات على أسئلة التراث

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
هل فكّرتَ في الأسئلة المترتّبة على القضايا المتعلقة بالتراث، التي طرحها القلم، في شأن مفهوم التراث ومفارقات إحيائه؟ يكفي سؤال واحد، هو أبو الأسئلة وكيّالها في هذا المجال البنيوي: كيف يكون موقفك وردّ فعلك، إذا سألك التراث: ماذا قدّمتم لحياة الأجيال المقبلة، يوم تكون أعمالكم اليوم، تراثاً وميراثاً وموروثاً لدى أحفاد أحفاد العرب؟ ما هي إبداعاتكم واختراعاتكم واكتشافاتكم وإنجازاتكم وانتصاراتكم، وفرض وجودكم عالميّاً؟ ما هي المآثر والمفاخر التي شيّدتموها وتشيدونها، لتكون تيجان فخر المقبلين؟
عندما نتحدث عن التراث، فإننا نعني تاريخاً مسرحه الزمني خمسة عشر قرناً في الأقل، لكنّ علينا أن نتصوّر العرب سنة 3500، أي بعد خمسة عشر قرناً، وهم يستعيدون الشريط التراثي الممتدّ من أيامنا هذه، إليهم في القرن الخامس والثلاثين. واخيبتاه إذا لم يعثروا على غير ميراثنا نحن، أي تاريخنا الأدبي من المعلقات إلى أحمد شوقي، ومعه العنتريات الحداثوية، وشتات وفتات من «الشخابيط اللخابيط» الغنائية. ستَعجب تلك الأجيال لهذه الأمّة، كم أهدت إليها الأقدار من أعلام الفكر، لكنهم دائماً نكرات في قومهم، فلا يوجد مفكّر عربي واحد أثّر في مجرى الأحداث، أو طُبّقت له نظرية، «غرباء في الليل»، ليل التعتيم وغياب التعلّم والتعليم.
حين نتكلم عن مستقبل الحاضر، أي تراث الغد البعيد، فإننا سنضع في الحسبان الإطار الزمني. سيدرس القادمون حاضرنا في نطاق علوم عصرنا ومعارفه. سيسألون: كم كان في العالم العربي من مراكز البحث العلمي؟ هل كان تقدّمهم في العلوم متناسباً مع الثروات الجوفية والسطحية التي كانوا يمتلكونها؟ كم كانت نسبة براءات الاختراع لديهم، قياساً على المجموع العالمي؟ كم كانت منتجاتهم تحتل في قائمة أهمّ خمسة آلاف منتج عالميّاً؟ هل كان لهم اكتفاء ذاتي في الغذاء والدواء ووسائل الدفاع؟ هل كانت لديهم مناعة جيوسياسيّة وجيوستراتيجيّة؟ كم كان لهم من روّاد الرياضيات والفيزياء والأحياء؟ كم عدد فلاسفتهم، فإن كان الفلاسفة كالغول والعنقاء، فهل كانوا يتساءلون عن النبأ العظيم: كيف يمكن أن تكون أمّة بلا فلاسفة؟ فلاسفتنا دناصير منقرضة، آخرهم ابن رشد، قبل ثمانية قرون ونيّف. كيف كان أثر العرب في الآداب والفنون عالميّاً؟
صحت بالقلم: أضنيتني بالفكر، ما أظلمكْ!
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: الأمّة التي يكون ماضيها أفضل من حاضرها،عليها إعادة النظر في سلامة مقوّمات وجودها. إذا مررتَ بتلك الأسئلة ببرودة، فالأمّة في خطر.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mrhabm4r

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"