واجب إماراتي في غزة

00:04 صباحا
قراءة 3 دقائق
افتتاحية الخليج

تكثف دولة الإمارات بالتعاون مع مصر تنفيذ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية والإغاثية بواسطة الطائرات العسكرية للفلسطينيين المحاصرين في شمال قطاع غزة، بالتوازي مع عزمها الاشتراك مع المفوضية الأوروبية، وألمانيا، واليونان، وإيطاليا، وهولندا، وجمهورية قبرص، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة في تفعيل ممر بحري لإيصال المساعدات إلى القطاع، في مسعى طموح لتخفيف المعاناة الإنسانية وتوفير الاحتياجات الأساسية للأسر والنساء والأطفال الذين يعانون مأساة فادحة أمام نظر المجتمع الدولي العاجز عن فعل شيء.

الواجب الإنساني الذي تؤديه دولة الإمارات ضمن العمليات الإغاثية المنفردة عن طريق عملية «الفارس الشهم 3» أو المتعددة الأطراف مع الدول الشقيقة والصديقة، تأتي تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتقديم كل أشكال الدعم للشعب الفلسطيني الشقيق، والعمل عبر القنوات الدبلوماسية المتاحة لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، والمطالبة بحل شامل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، ومن خلال إيجاد مسار وأفق سياسي يقوم على خارطة طريق واضحة وشفافة وملزمة تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. وبين ما هو إنساني ودبلوماسي، تتكامل جهود الإمارات المحمودة من أجل حل هذه المحنة العصيبة التي وضعت المنطقة أمام أزمة خطيرة تهدد بانفجار الأوضاع الإقليمية وتجرها مجدداً إلى مستنقع الصراعات على حساب خيارات السلام والازدهار.

ما يجري في قطاع غزة الفلسطيني من جرائم إسرائيلية انتهاك صارخ لكل المواثيق والقيم الإنسانية والأخلاقية تتجاوز كل الخطوط الحمراء المعلومة، وأصبح عبئاً ثقيلاً على المجتمع الدولي، الذي ما زال منذ أكثر من خمسة أشهر يجتر نفس البيانات والتحذيرات دون أن يتحرك عملياً لوقف حرب الإبادة المكتملة الأركان. ففي كل يوم يسقط العشرات من الضحايا جراء القصف والغارات والقتل العمد الذي يستهدف منتظري المساعدات، بينما أصبح الجوع قاتلاً آخر يتجول في قطاع غزة، ويستوطن في شماله، حيث بلغ تدهور الأوضاع الإنسانية درجة لا توصف، وكأن أولئك الفلسطينيين ليسوا من البشر، بل هم كذلك عند بعض المتطرفين في تل أبيب، وهي صفاقة لم تعرفها البشرية طوال تاريخها حتى في أحلك حقبها سواداً وظلمة.

قبل أسبوعين ساد التفاؤل بأن هدنة ستحل على قطاع غزة مع حلول رمضان المبارك، ولكن ذلك الأمل تبخر مع انتهاء مفاوضات القاهرة على أفق غامض، وسلم الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن وعده السابق بالتوصل إلى وقف قريب لإطلاق النار «لم يعد ممكناً»، لأن إسرائيل لا تريد ذلك، وتعمل على توسيع حربها لتشمل اجتياح رفح، المعقل الأخير لغالبية سكان غزة الذين أصبحوا نازحين، وكانت هذه النتيجة خيبة أمل مروعة، ما كان لها أن تكون لو كانت هناك إرادة حقيقية للمجتمع الدولي في أن يوقف هذه المذبحة الشاملة، التي لم تحرك مجلس الأمن بعد بسبب أن «الفيتو» الأمريكي يتربص بأي نداء صادق لإنهاء الحرب وفك الحصار الخانق وإدخال المساعدات الإنسانية عن طريق المعابر البرية الطبيعية.

ستنتهي هذه الحرب يوماً، وسيسجل التاريخ في صفحاته كل ما حدث، ولن يرحم أبداً من تخاذل وتواطأ، وسيحمد موقف كل من قال كلمة حق، وطالب صادقاً بوقف المظلمة ومحاسبة المجرمين والانتصار للقيم الإنسانية التي لا تعرف الازدواج أو التمييز.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2cwp8nxz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"