عادي
الذكاء الاجتماعي

تعلم من تجارب الحياة

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه
يمكننا الاستفادة، لتطوير الذكاء الاجتماعي، من الخبرات الحياتية، وتجاربنا الشخصية، عن طريق التعلم من أخطائنا ونجاحاتنا، لتعزيز معرفتنا وتطوير مهاراتنا في التواصل والتفاعل الاجتماعي.

الحياة دروس وتجارب، وفي امتحان الحياة لا ينفع الحفظ من دون فهم، ولا الفهم من غير فعل، كما أن في امتحان الحياة لا تنتظر أن يرأف بك معلم، أو يعطف عليك زميل.

أتحنُو عليك قلوبُ الورى

إذا دمعُ عينَيك يوماً جرَى؟

وهل تَرحَمُ الحَملَ المستَضامَ

ذئابُ الفَلا أو أسودُ الشَّرَى؟

وماذا ينالُ الضعيفُ الذليلُ

سِوى أن يُحقَرَ أو يُزدَرَى؟

قال أحدهم: «إننا في المدرسة أو الجامعة نتعلم الدروس ثم نواجه الامتحانات. أما في الحياة، فإننا نواجه الامتحانات وبعدها نتعلم الدروس»!، فاستفد من كل ما يقابلك في الحياة، فهي رسائل من الله لك، تأملها، وخذ من معانيها.

تأمل سطور الكائنات فإنها

من الملأ اﻷعلى إليك رسائل

ومن قصص الحكمة، أن الثعلب سأل جملاً واقفاً على الضفة الأخرى من النهر: إلى أين يصل عمق ماء النهر؟ فأجابه: إلى الركبة، قفز الثعلب في النهر فإذا بالماء يغطيه وبمشقة استطاع أن يخرج، وصرخ على الجمل: ألم تقل إن الماء يصل إلى الركبة؟ قال نعم إلى ركبتي! فلا تأخذ تجارب غيرك الخاصة حلولاً قطعية لك؛ لأنها قد تغرقك، وأسوأ ما في دروس الحياة أننا لا نستوعبها غالباً إلا بعد فواتِ الأوان.

وَلَا يَنْفَعُ المَرءَ التَّنَدُّمُ وَالأَسَىٰ

وَلَٰكِنْ لَهُ فِي مَا يَفُوتُ دُرُوسُ

وفي الحديث قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين»، ومعناه أن المؤمن ينبغي أن يكون حذراً من تكرار الخطأ، ومتيقظاً لا ينخدع بظواهر الناس، قال أبو عبيدة: «معناه لا ينبغي للمؤمن إذا نُكِبَ من وجه أن يعود إليه».

وقال بعض شراح الحديث: «الحديث لفظه خبر، ومعناه أمر»، أي: ليكن المؤمن حازماً حذراً لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى.

وفي هذا المعنى، قال علي الطنطاوي: «لم أجد وصفاً للحياة إلا أنها تجارب، فإن لم تتعلم من الضربة الأولى فأنت تستحق الثانية!».

سئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة، فقال: «العقل يأمُرك بالأنفع، والمروءة تأْمُرك بالأرفع».

ودروس الحياة لا تنتهي أبداً، ويبقى الإنسان يتعلم منها إلى أن ينتهي به العمر.

وقال الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، رداً على من سأله «إلى متى العلم يا إمام؟» فقال له: «من المحبرة إلى المقبرة». ويعني بذلك أنه سيستمر في طلب العلم إلى أن يموت ويدخل القبر.

إن أخطر ما يواجهه الإنسان، أن يظن أنه قد اكتفى من العلم وارتوى من المهارة، فيظل في مكانه قد كُبّل عن رحلة التعلم والتطور التي لا يليق أن تنتهي معه إلا بانتهاء الأنفاس، ففترة التعلّم ليست محدودة، فالعلم عبادة، والله لم يجعل لعبادة المؤمن حداً في الدنيا إلا الموت، فقال تعالى: «وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ».

وكما في كل خصال الفضل، وسجايا المروءة، وأخلاق الكِرام، بدايات ممارسة السلوك مضنية متعبة، حتى يتطبع بحُسن الطبع، فتزداد عذوبة الأفعال، فتصبح العادة ممتعة سهلة، ولا ينبئك عما سبق كأبي الطيب، إذ قال:

وَمَا كُل هَاوٍ للجَميلِ بفاعِلٍ

وَلا كُل فَعالٍ لَهُ بِمُتَمم

‏وبعض المواقف كفيلة بأن تمنحنا نضجاً يفوق أعمارنا، فلا تكن سجيناً لِماضيك، لَقد كان درساً فقط وليس حُكماً مُؤبداً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7k4frfzp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"